قرارات ترامب تهدد بأزمة دستورية في الولايات المتحدة.. وخطط غزة تشعل الصراع العالمي

سلطت شبكة “سي إن إن” الأمريكية الضوء على المخاوف المتزايدة من القرارات التنفيذية المتسارعة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، مشيرة إلى أن تحركاته غير المسبوقة تهدد أسس النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة، وتثير قلقًا واسعًا بشأن تداعياتها على الاستقرار العالمي.

ووفقًا لتحليل الشبكة، فإن ترامب، الذي عاد إلى السلطة بنهج أكثر حدة، يسعى إلى فرض رؤيته السياسية دون الالتفات إلى القيود القانونية أو الأعراف الديمقراطية، حيث أقدم على اتخاذ سلسلة من القرارات التي وصفتها “سي إن إن” بالمثيرة للجدل، والتي أثارت استياءً واسعًا داخل الأوساط السياسية والقانونية الأمريكية.

تعيينات مثيرة للجدل وتفكيك للوكالات الحكومية
من بين أبرز القرارات التي سلطت عليها الشبكة الضوء تعيين الملياردير إيلون ماسك على رأس إدارة الكفاءة الحكومية، وهي خطوة أثارت مخاوف كبيرة، نظرًا لأن هذه الإدارة ستكون مسؤولة عن إعادة هيكلة مؤسسات حكومية ضخمة، بل وإلغاء بعضها،

أخبار تهمك

أوروبا تدخل سباق الذكاء الاصطناعي.. قمة باريس تعلن التحدي أمام واشنطن وبكين

تحقيق وثائقي لقناة كان العبرية بعنوان “كيف تمكّن يحيى السنوار من خداعنا بهذه الطريقة، وجعل إسرائيل تبكي رغم أنفها “

وهو ما اعتبرته الشبكة محاولة من ترامب لتفكيك الأجهزة الحكومية التي تعارض سياساته. ولفتت إلى أن تعيين ماسك، الذي تربطه علاقات مالية وثيقة بالحكومة الفيدرالية من خلال شركاته مثل “سبيس إكس” و**”تسلا”**، يثير تساؤلات أخلاقية حول تضارب المصالح وإمكانية استغلال منصبه لتعزيز نفوذه الاقتصادي.

ولم تتوقف التعيينات المثيرة للجدل عند هذا الحد، إذ قام ترامب بإقالة العشرات من المدعين العامين الذين كانوا مشاركين في قضايا متعلقة باقتحام مبنى الكونجرس في 6 يناير 2021، ما اعتبره العديد من القانونيين محاولة منه لإعادة كتابة التاريخ، والتخلص من أي مسؤولين قد يشكلون تهديدًا قانونيًا له أو لأنصاره.

كما أقدم ترامب على اتخاذ قرارات مباشرة بإغلاق وكالات حكومية حيوية، من بينها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومكتب حماية المستهلك المالي، وهما مؤسستان أنشأهما الكونجرس، ما يجعل قرار إلغائهما تجاوزًا واضحًا لسلطة السلطة التنفيذية.

ووفقًا للشبكة، فإن هذه الخطوة تثير مخاوف من أن ترامب يسعى إلى تقويض مؤسسات الدولة التي يرى أنها تقف عقبة أمام تنفيذ سياساته المتشددة.

قرارات خارجية تهدد الاستقرار العالمي
أما على الصعيد الدولي، فقد كشف تقرير “سي إن إن” عن مجموعة من التحركات التي اتخذها ترامب في الأسابيع الأولى من ولايته، والتي أثارت ردود فعل حادة على المستوى العالمي، حيث قرر ربط الدعم العسكري لأوكرانيا بالحصول على المعادن الأرضية النادرة من كييف،

وهي خطوة وصفها محللون بأنها استغلال اقتصادي للأزمة الأوكرانية، قد يؤدي إلى تعقيد الصراع مع روسيا وإطالة أمد الحرب.

وفي الشرق الأوسط، أثار ترامب موجة من الجدل بإعلانه عن خطة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة، وهو ما وصفته الشبكة بأنه “يصل إلى حد التطهير العرقي”، حيث تسعى إدارته إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة دون أي اعتبار للقوانين الدولية أو حقوق الشعوب.

ولم تتوقف قراراته المثيرة عند هذا الحد، إذ قام بتهديد كندا بالضم إلى الولايات المتحدة، في خطوة اعتبرها المراقبون غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، خاصة أن كندا تُعد من أقرب حلفاء واشنطن. كما هدد بفرض رسوم جمركية صارمة على التجارة الحرة، ما قد يؤدي إلى نشوب أزمة اقتصادية مع شركاء الولايات المتحدة التقليديين.

تهديدات لسيادة القانون وتصعيد داخلي غير مسبوق
داخليًا، ترى “سي إن إن” أن ترامب يمثل تهديدًا متزايدًا لسيادة القانون، حيث أقدم على إقالة رئيس مكتب أخلاقيات الحكومة، وهو المسؤول عن مراقبة النزاهة والشفافية في الإدارة الأمريكية، وهي خطوة رأى فيها المحللون محاولة واضحة لإضعاف آليات الرقابة على السلطة التنفيذية.

كما أصدر ترامب قرارات بالعفو عن مئات من المتورطين في أحداث 6 يناير، وهي الخطوة التي أثارت استياء الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، باعتبارها تشجيعًا مباشرًا على التمرد السياسي، وتقويضًا لمبدأ المساءلة القانونية.

وعلى المستوى القضائي، واجهت إدارة ترامب انتكاسات قانونية، حيث أصدر قاضٍ فيدرالي أمرًا جديدًا باستعادة مليارات الدولارات التي جمدتها الإدارة الفيدرالية، في خطوة اعتُبرت تحديًا مباشرًا للسلطة القضائية. وفي قضية أخرى، اتُهمت الإدارة بعدم الامتثال لأوامر المحكمة بإعادة الموظفين المفصولين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ما أثار مخاوف من أن ترامب يخطط لتجاهل سلطة القضاء، وتعزيز نهج أحادي في الحكم.

سياسات ترامب.. بين الإنجازات الوهمية والاضطرابات السياسية
وفيما تدافع إدارة ترامب عن هذه القرارات، معتبرة أنها جزء من وعود حملته الانتخابية، ترى “سي إن إن” أن البيت الأبيض يسوّق لإنجازات مبالغ فيها، مثل إجبار كندا والمكسيك على تعزيز أمن الحدود، وتحقيق مكاسب دبلوماسية في قناة بنما، وتحرير محتجزين في غزة، في حين أن الواقع يشير إلى أن العديد من هذه الادعاءات لا تستند إلى حقائق واضحة.

وبحسب الشبكة، فإن أسلوب ترامب في الحكم يعكس ازدراءً واضحًا للمؤسسات الديمقراطية، فهو يعتمد على الأوامر التنفيذية دون الرجوع إلى الكونغرس، ويتخذ قرارات حاسمة دون مشاورات واسعة، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة النظام الأمريكي على احتواء نفوذه المتزايد، ومنع وقوع أزمات دستورية غير مسبوقة.

هل تتجه الولايات المتحدة نحو أزمة دستورية؟
مع تصاعد الجدل حول سياسات ترامب، يحذر محللون قانونيون من أن الولايات المتحدة قد تكون على أعتاب أزمة دستورية حقيقية، خاصة إذا استمر ترامب في تجاهل قرارات القضاء، وإصدار عفو رئاسي عن حلفائه السياسيين، وإعادة هيكلة الوكالات الحكومية لصالح أجندته الخاصة.

وترى “سي إن إن” أن هذه المخاوف ليست مجرد تكهنات، بل انعكاس للواقع السياسي المضطرب الذي تعيشه واشنطن حاليًا، حيث تسود حالة من الانقسام الحاد بين المؤسسات الحكومية، وسط مخاوف من أن إدارة ترامب قد تتجاوز كل الخطوط الحمراء في سعيها إلى فرض سيطرتها الكاملة على السلطة.

ختامًا.. إدارة ترامب بين مؤيد ومعارض
في ظل هذه التطورات المتلاحقة، لا يزال الرأي العام الأمريكي منقسمًا بين من يرى أن ترامب ينفذ وعوده الانتخابية بشجاعة، ومن يعتبر أنه يجر البلاد نحو الفوضى السياسية. وبينما يحاول البيت الأبيض الترويج لرؤية ترامب على أنها إصلاح شامل للحكومة، تحذر “سي إن إن” من أن هذه الإصلاحات قد تكون بداية لفصل جديد من الأزمات السياسية والدستورية، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل على مستوى العالم أجمع.