23 نوفمبر 2024 02:49
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

إعادة رسم خريطة النفوذ.. انسحاب أمريكي مفاجئ من النيجر وتشاد.. وروسيا والصين تراقبان غرب إفريقيا

أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا عن سحب قواتها من كل من النيجر وتشاد، وذلك في خطوة مفاجئة أثارت تساؤلات حول دوافعها وتأثيرها على مكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا.

وفي تصريحات للجنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، أكد أن عددًا من القوات الأمريكية في تشاد سيعيد التمركز خارج البلاد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعتبر “مؤقتة”، وتأتي في إطار مراجعة جارية للتعاون الأمني مع تشاد.

وأضاف رايدر أن التعاون الأمني سيُستأنف بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في تشاد، المقررة في السادس من مايو، مما يشير إلى أن السحب الحالي يأتي ضمن إطار تغييرات إستراتيجية مؤقتة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة.

هذا الإعلان يأتي في سياق متسارع للتحولات الجيوسياسية في المنطقة، وقد يكون له تأثيرات كبيرة على الأمن والاستقرار في غرب إفريقيا وعلى العلاقات الدولية بشكل عام.

وأفادت وكالة “رويترز” للأنباء نقلاً عن مسؤول أمريكي، أن العشرات من جنود القوات الخاصة الأمريكية المتواجدين في تشاد بصفتهم مخططين ومستشارين، سينتقلون إلى ألمانيا في الوقت الراهن، في تطور يظهر تغييرات جذرية في الأوضاع العسكرية في المنطقة.

وفي رسالة مؤرخة في الرابع من أبريل وموجهة إلى وزير القوات المسلحة في تشاد، قال رئيس أركان سلاح الجو إدريس أمين أحمد إنه أبلغ الملحق الدفاعي الأمريكي بأن يوقف الأنشطة الأمريكية في قاعدة أدجي كوسي الجوية بالقرب من العاصمة نجامينا، بعد تقديم وثائق غير كافية من قبل الأمريكيين لتبرير وجودهم هناك.

تشاد أصبحت أكثر أهمية في الاستراتيجية الأمنية الغربية في منطقة غرب إفريقيا، خاصة بعد طرد النيجر للقوات الفرنسية، وهو تحرك يأتي بعد حركات مماثلة من قبل مالي وبوركينا فاسو.

وفي سياق متصل، أرسلت الولايات المتحدة، أمس الخميس، وفداً إلى النيجر لبدء محادثات مباشرة مع المسؤولين في نيامي، بشأن سحب أكثر من ألف جندي أمريكي من هناك، في تطور آخر يشير إلى تغييرات جوهرية في السياسة العسكرية الأمريكية في المنطقة.

وكان يوجد ما يزيد قليلًا عن 1000 جندي أمريكي في النيجر حتى العام الماضي، حيث كانوا يقومون بتدريب القوات المحلية على قتال الجماعات المسلحة. وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، وصفت سحب القوات الأمريكية من تشاد بأنها “ثاني ضربة كبيرة خلال أسبوع للأمن الأمريكي وسياسية مكافحة الإرهاب في منطقة مضطربة بغرب ووسط إفريقيا”.

ووفقًا لما نقلته وكالة “رويترز”، فإن البنتاجون يضطر إلى سحب القوات الأمريكية استجابةً لمطالب حكومات إفريقية، ويعيد التفاوض على القواعد والشروط التي يمكن أن يعمل بموجبها الأفراد العسكريون الأمريكيون.

وفي وقت سابق، أكد محللون للصحيفة أن كلًا من تشاد والنيجر “يريدان شروطًا تخدم مصالحهما بشكل أفضل”، ومع تزايد التقارب مع روسيا وتعزيز العلاقات الأمنية معها، تشير المعلومات إلى أن الخروج من النيجر للقوات الأمريكية سيكون دائمًا، بينما تأمل واشنطن أن يكون الخروج من تشاد مؤقتًا.

ويأتي قرار سحب القوات الأمريكية من النيجر بعد سنوات من التعاون مع الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي أنهت فيه حكومة النيجر الاتفاق الذي يسمح للقوات الأمريكية بالعمل فيها. ومع تقديم تشاد طلبًا لسحب القوات الأمريكية من أراضيها، تتجه الولايات المتحدة نحو إعادة تقييم علاقاتها العسكرية في المنطقة.

وتثير هذه التطورات مخاوف من خسارة النفوذ الأمريكي في القارة لصالح روسيا والصين، خاصة بالنظر إلى وجود قاعدة جوية أمريكية رئيسية في النيجر تستخدم لإطلاق الطائرات المسيرة في عمليات المراقبة، والتي تعتبر محورًا أساسيًا في الاستراتيجيتين الأمريكية والفرنسية لمحاربة المتطرفين في غرب إفريقيا.

وأعلن التلفزيون الرسمي في النيجر يوم الخميس أن مدربين عسكريين من روسيا وصلوا إلى النيجر في خطوة تشير إلى اتفاق لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين. يأتي هذا التطور بعد إعلان النيجر عن إلغاء اتفاقية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في مارس الماضي.

من المقرر أن تجتمع السفيرة الأمريكية لدى النيجر وممثلي الحكومة النيجرية لبدء المناقشات حول انسحاب القوات الأمريكية من النيجر. في الوقت نفسه، سيعقد مسؤولون في البنتاجون اجتماعات متابعة في نيامي الأسبوع المقبل، ومن المقرر أن يزور نائب وزير الخارجية الأمريكي النيجر في الأشهر المقبلة لبحث التعاون المستمر.

يشير هذا التحول إلى استراتيجية جديدة للنيجر في التعاون العسكري، حيث يسعى البلد إلى توسيع قاعدة شراكاته الدولية. وفي الوقت نفسه، تظل الولايات المتحدة ملتزمة بضمان استمرار التعاون المشترك مع النيجر في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

مع استمرار المحادثات والتطورات الجارية، يبقى الوضع في النيجر واحتمال تغييرات في مستويات القوات الأمريكية موضوعًا للاهتمام والمتابعة.