22 نوفمبر 2024 22:30
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال

شهد مخيم نور شمس للاجئين شرق مدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، هجومًا عسكريًا واسع النطاق فجر اليوم الأربعاء، في مشهد يعكس تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

هذا الهجوم، الذي يمثل جزءًا من عملية عسكرية أوسع تستهدف مناطق جنين وطولكرم وطوباس شمالي الضفة الغربية، يشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد قد تؤدي إلى خسائر فادحة.

وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت أوامر عاجلة لسكان المخيم بإخلائه فورًا، في إشارة واضحة إلى أن العملية العسكرية قد تكون على وشك الدخول في مرحلة أكثر عنفًا.

هذه التحركات العسكرية في منطقة تعاني بالفعل من تاريخ طويل من المواجهات، تثير قلقًا دوليًا متزايدًا حول مصير الآلاف من سكان المخيم المدنيين.

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال

مخيم نور شمس: رمز للمقاومة وتاريخ من الصمود

تأسس مخيم نور شمس عام 1950 عقب النكبة، ليصبح موطنًا لحوالي 13 ألف لاجئ فلسطيني، معظمهم ينحدرون من القرى المحيطة بمدينة حيفا.

يقع المخيم على مساحة صغيرة لا تتجاوز 0.21 كيلومتر مربع، مما يجعله أحد أصغر المخيمات في الضفة الغربية، لكنه يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

المخيم، الذي سمي على اسم معتقل نور شمس الذي استخدمه البريطانيون كسجن خلال احتلالهم فلسطين في عام 1919، شهد العديد من المواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال.

وكان أبرز هذه المواجهات خلال “عملية السور الواقي” في عام 2000، حيث حاصرت آليات الاحتلال المخيم ومدينة طولكرم، وشنّت غارات جوية عنيفة استهدفت مواقع مختلفة داخل المخيم.

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال

تصاعد الصراع بعد أحداث أكتوبر 2023

منذ السابع من أكتوبر 2023، وبعد سلسلة من الأحداث المتصاعدة، بدأ مخيم نور شمس يشهد عمليات عسكرية مكثفة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. المخيم، الذي لطالما كان مركزًا لنشاط الفصائل الفلسطينية، أصبح هدفًا لهجمات متكررة من قبل قوات الاحتلال التي تسعى لقمع أي مقاومة تنبثق من داخله.

في الفترة التي تلت تلك الأحداث، شهد المخيم 22 عملية اقتحام من قبل القوات الإسرائيلية، أسفرت عن استشهاد أكثر من 56 فلسطينيًا.

هذه العمليات لم تكن مجرد اقتحامات عادية؛ فقد رافقتها ضربات جوية استهدفت منازل المدنيين والبنية التحتية داخل المخيم، مما زاد من معاناة السكان وأدى إلى تفاقم الوضع الإنساني هناك.

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال

موجة جديدة من التصعيد: عملية فجر الأربعاء

فجر اليوم الأربعاء، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفًا مكثفًا لمخيم نور شمس كجزء من حملة عسكرية أوسع تستهدف مدن شمال الضفة الغربية. السكان، الذين أُجبروا على مغادرة منازلهم بأوامر من الجيش، وجدوا أنفسهم مرة أخرى في قلب معركة لا تعرف الرحمة.

وفقًا لمصادر أمنية فلسطينية نقلتها “وفا”، فإن القصف لم يكن مجرد استعراض للقوة، بل كان جزءًا من عملية تهدف إلى القضاء على ما تسميه إسرائيل “بؤر المقاومة”.

ومع ذلك، يرى كثيرون أن هذا التصعيد لا يستهدف سوى تكريس حالة الرعب بين المدنيين وفرض مزيد من الضغوط على الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من المخيمات معقلًا لها.

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال
مخيم نور شمس: ماضٍ صعب وحاضر مرير

بالعودة إلى تاريخ المخيم، نجد أنه لم يكن غريبًا عن مثل هذه المواجهات. في عام 2001، شهد المخيم مواجهات عنيفة إثر محاولة اغتيال أحد أعضاء حركة الجهاد الإسلامي من قبل القوات الخاصة الإسرائيلية. وفي عام 2002، اجتاحت قوات الاحتلال مدينة طولكرم واحتلت أحياء المخيم الشمالية في واحدة من أعنف الحملات التي شهدتها المنطقة.

التاريخ يعيد نفسه الآن في مخيم نور شمس. بعد أكثر من عقدين من تلك الأحداث، يجد سكان المخيم أنفسهم مرة أخرى في مواجهة مباشرة مع آلة الحرب الإسرائيلية.

المشهد اليوم يعكس استمرارًا للصراع الذي يبدو أنه لا نهاية له في الأفق.

نور شمس تحت القصف.. مخيم المقاومة في الضفة الغربية يواجه وحشية قوات الاحتلال

مصير مجهول وسؤال بلا إجابة

مع استمرار القصف الإسرائيلي والعمليات العسكرية في مخيم نور شمس، يبقى مصير سكانه معلقًا في الهواء. التساؤلات حول مستقبل المخيم تزداد، وكذلك المخاوف من أن تكون هذه الجولة من التصعيد مجرد بداية لمزيد من العنف.

وبينما تستمر الدعوات الدولية لوقف التصعيد وحماية المدنيين، يبقى السؤال الأهم: هل ستستجيب إسرائيل لهذه الدعوات أم أن دوامة العنف ستستمر في ابتلاع مزيد من الأرواح؟

إن ما يحدث في مخيم نور شمس اليوم ليس مجرد صفحة أخرى في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل هو جزء من مأساة أكبر يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عقود. تلك المأساة التي تتجلى في معاناة المدنيين الأبرياء الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين نارين، في صراع لا يبدو أن له نهاية قريبة.