موسم صيد الطيور المهاجرة في شمال سيناء بين التراث والتحديات البيئية

9 سبتمبر 2024
موسم صيد الطيور المهاجرة في شمال سيناء بين التراث والتحديات البيئية

تحت أشعة شمس سيناء الحارقة، يقف سالم حسان متأهبًا ببندقيته وشبكته، منتظرًا بفارغ الصبر وصول أسراب الطيور المهاجرة. إنه موسم الصيد في شمال سيناء، حيث يعود الصيادون لممارسة تقاليدهم السنوية في صيد الطيور مثل السمان والشرشير الصيفي والعصافير، في واحدة من أقدم وأهم الأنشطة الثقافية والاقتصادية في المنطقة.

موسم صيد الطيور المهاجرة في شمال سيناء بين التراث والتحديات البيئية

عودة الطيور المهاجرة وأهمية موسم الصيد
مع بداية موسم صيد الطيور، تصل أسراب الطيور المهاجرة إلى سواحل شمال سيناء قادمة من أوروبا الباردة في طريقها نحو إفريقيا وآسيا. هذه الطيور تعبر عبر أحد أهم خطوط الهجرة الطبيعية التي تمر فوق البحر المتوسط، وتشمل أنواعًا عديدة مثل البجع والبلشون واللقلق، والتي تعتبر جزءًا هامًا من التنوع البيولوجي في المنطقة وتساهم في الحفاظ على التوازن البيئي.

طرق الصيد التقليدية وتحديات الاستدامة
في المناطق الساحلية المحاذية لبحيرة البردويل، تنتشر عرائش الصيادين المصنوعة من جريد النخل، وهي مقر إقامتهم خلال موسم الصيد. سالم حسان، أحد الصيادين الشباب، يتحدث عن أهمية هذه المهنة التي ورثها عن أجداده، موضحًا أن الصيادين يعتمدون على نصب الشباك لاصطياد الطيور المهاجرة، وخصوصًا طائر السمان الذي يعتبر الأكثر قيمة بينهم.

ورغم أن الصيد يوفر مصدر رزق مهم لسكان المنطقة، إلا أن هناك تحديات بيئية تواجههم، مثل ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي وعدم الإفراط في صيد الطيور. لهذا، تفرض محافظة شمال سيناء قوانين صارمة لتنظيم عملية الصيد، منها ضرورة استخدام أدوات صيد محددة مثل الشباك وبنادق ضغط الهواء، وحظر استخدام الأجهزة الصوتية لجذب الطيور.

موسم صيد الطيور المهاجرة في شمال سيناء بين التراث والتحديات البيئية

التراخيص والقوانين المنظمة لعملية الصيد
أعلنت محافظة شمال سيناء عن انطلاق موسم صيد الطيور المهاجرة، والذي يمتد حتى 15 نوفمبر 2024، مع فتح باب التقديم للحصول على تراخيص الصيد. يتم تحديد رسوم رمزية للحصول على تراخيص صيد السمان والشرشير الصيفي، مع فرض قيود على مسافة الشباك وطولها وارتفاعها، لضمان عدم الإضرار بالطيور أو البيئة.

كما تم وضع قيود صارمة على مواقع الصيد، حيث يُمنع الصيد داخل المحميات الطبيعية، مثل محمية الزرانيق، ويُطلب من الصيادين الالتزام بإطلاق سراح الطيور غير المستهدفة، مثل الجوارح والطيور المغردة.

التحديات والمستقبل
ورغم أن موسم الصيد يمثل فرصة اقتصادية مهمة للصيادين المحليين، إلا أنه يحمل تحديات تتعلق بضرورة الحفاظ على استدامة هذا النشاط التقليدي. يتطلب الأمر توازنًا بين الحفاظ على التراث الثقافي للصيد وبين حماية البيئة الطبيعية والحفاظ على الطيور المهاجرة التي تمر عبر سيناء كل عام.

إن تحقيق هذا التوازن هو مفتاح الحفاظ على هذا التراث الذي يمتد عبر الأجيال، مع ضمان استمراريته للأجيال القادمة، في ظل التغيرات البيئية والضغوط الاقتصادية.