من صحراء سيناء إلى موائد العالم.. حكايات العجوة مع التراث الأصيل والصناعة المزدهرة

في قلب صحراء سيناء، حيث تلتقي أشعة الشمس الحارة بتربة خصبة، تنمو نخيل البلح الذي يمنحنا أحد أطيب الثمار وأكثرها فائدة، ألا وهي العجوة.

تُعرف مدن شمال سيناء، مثل بئر العبد والعريش، بإنتاج أجود أنواع العجوة التي تتميز بطعمها اللذيذ وقيمتها الغذائية العالية.

مع اقتراب موسم جني البلح، تشهد صناعة العجوة في شمال سيناء نشاطًا ملحوظًا. تعتبر هذه الصناعة من أشهر وأهم المنتجات الطبيعية التي تتميز بها المنطقة، حيث تُصنع العجوة بشكل أساسي في مزارع النخيل المنتشرة في بئر العبد والعريش والشيخ زويد، وهي جزء لا يتجزأ من التراث السيناوي الذي يمزج بين الأصالة والجودة.

في أماكن مخصصة تعرف بـ”المشرات”، يتم إعداد العجوة وسط بساتين النخيل، حيث تجمع البلح ويتم نشره حتى يتحول إلى رطب. بعد ذلك، تُزال قشور البلح ونواته، ويبدأ العمل على غسله وعجنه ثم تجفيفه. تشمل المراحل التالية كبس العجوة على شكل أقراص أو قوالب، ثم تنشيفها وتجهيزها للتعبئة والتغليف لتصبح جاهزة للبيع أو التخزين.

تُعرف العجوة السيناوية بجودتها العالية ومذاقها الفريد الذي يميزها عن غيرها. يحظى هذا المنتج بشهرة واسعة، ليس فقط في الأسواق المحلية بل أيضًا في الأسواق الخارجية. تعكس طريقة تحضير العجوة جانبًا من التراث الثقافي للمنطقة، حيث تُعد منتجًا لا غنى عنه في الأسواق المحلية ويعتبر جزءًا من التراث السيناوي الأصيل.

في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة العجوة تطورًا ملحوظًا على مستوى الإنتاج والتسويق. فقد تطورت طرق التصنيع من التقليدية إلى الحديثة، مما ساعد في زيادة انتشار العجوة السيناوية بشكل فعّال. اليوم، تُغلف العجوة بطرق حديثة وجذابة تستهدف المستهلكين بشكل أفضل، مما ساهم في تعزيز حضورها في الأسواق المحلية والعالمية.

أصبحت صناعة العجوة أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي في شمال سيناء، حيث تعتمد الكثير من العائلات على هذا المنتج كمصدر رزق رئيسي خلال موسم جني البلح وما يليه من مراحل تجهيز وتعبئة العجوة. تحظى هذه الصناعة بالدعم المحلي الذي يسعى لتعزيز حضورها في الأسواق وتوسيع نطاق تصديرها، مما يساهم في إبراز اسم سيناء في الأسواق العالمية كرمز للجودة والتراث.