23 ديسمبر 2024 00:53
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

أطماع إثيوبيا الإقليمية تمر عبر البحر الأحمر.. اتفاق أديس أبابا وصوماليلاند يهدد طرق التجارة المصرية.. ورفض دولي للمعاهدة

اتفاق اثيوبيا وصوماليلاند

أثار توقيع منطقة أرض الصومال الانفصالية “صوماليلاند” اتفاقًا مع إثيوبيا في الأول من يناير الجاري جدلاً واسعاً، مما أدى إلى غضب من حكومة جمهورية الصومال الفيدرالية في مقديشو ومن بعض القوى الكبرى.

وتفصيلات المذكرة التي وقعها رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، وزعيم أرض الصومال، موسى بيهي عبدي، تمنح إثيوبيا حق الوصول إلى ميناء بربرة على البحر الأحمر وحقوقًا أخرى. تتناول هذه الصفقة النقاط الرئيسية مثل الوصول البحري لإثيوبيا واستئجارها لمنطقة حول بربرة لمدة 50 عامًا، في مقابل الاعتراف الرسمي بصوماليلاند كدولة مستقلة.

تسعى إثيوبيا من وراء هذا الاتفاق إلى الحصول على منفذ بحري آخر في منطقة القرن الإفريقي، خاصةً مع اعتمادها بشكل كبير على ميناء جيبوتي، والذي يشكل نحو 95% من تجارتها الخارجية. الاتفاق يتيح لإثيوبيا تأمين مرفأ دائم على البحر الأحمر وتوفير حماية لسفنها، مع تأجير جزء من المنطقة المحيطة بميناء بربرة.

من ناحية أخرى، تتطلع صوماليلاند إلى الاعتراف الدولي كدولة مستقلة، وتعتبر هذه الصفقة خطوة هامة نحو تحقيق هذا الهدف المنتظر منذ فترة طويلة. المنطقة تأمل أيضًا في الحصول على دعم اقتصادي وأمني من إثيوبيا، مما يساعد في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

مع ذلك، يثير هذا الاتفاق توترات جيوسياسية في المنطقة، خاصةً مع إدانات دول الجوار ومخاوف جمهورية الصومال من فقدان سيادتها في حال اعتراف إثيوبيا رسميًا بصوماليلاند كدولة مستقلة. يتعين متابعة تأثيرات هذا الاتفاق على الديناميات الدبلوماسية والعلاقات الإقليمية في الفترة المقبلة.

يُتوقع أن يكون للاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال تأثيرًا كبيرًا على مصر، وذلك لعدة أسباب:

أولًا، يمنح الاتفاق إثيوبيا منفذًا بحريًا دائمًا على البحر الأحمر، مما يقلل من اعتمادها على ميناء جيبوتي، وهو ميناء يمر عبره جزء كبير من التجارة المصرية.
ثانيًا، يُعزز الاتفاق العلاقات بين إثيوبيا وأرض الصومال، وهو ما قد يُضعف موقف مصر في المنطقة، حيث تعتبر مصر أرض الصومال جزءًا من الصومال، وتدعم وحدته.
ثالثًا، قد يؤدي الاتفاق إلى تصاعد التوترات بين إثيوبيا وجمهورية الصومال الفيدرالية، وهو ما قد يُؤثر سلبًا على الأمن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك مصر.
بشكل عام، يُمكن توقع أن يكون للاتفاق تأثيرًا سلبيًا على مصر، وذلك من خلال:

زيادة المنافسة الاقتصادية بين مصر وإثيوبيا، حيث ستسعى إثيوبيا إلى تعزيز تجارتها عبر ميناء بربرة، مما قد يُؤثر سلبًا على التجارة المصرية عبر ميناء جيبوتي.
زيادة التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا، حيث تعارض مصر استقلال أرض الصومال، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد الخلافات بين البلدين.
زيادة مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة، حيث قد يؤدي تصاعد التوترات بين إثيوبيا وجمهورية الصومال إلى تفاقم هذه المشكلات في المنطقة، بما في ذلك مصر.

ومن ناحية أخرى يواجه الاتفاق العديد من التحديات أبرزها:

تجدد التهديدات

أثار الاتفاق توترات بين أرض الصومال وجمهورية الصومال، حيث اعتبرت جمهورية الصومال الاتفاق باطلاً وغير شرعي، وأعلنت أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضده. كما استدعت جمهورية الصومال سفيرها في إثيوبيا احتجاجًا على الاتفاق.

حياد غير محسوب

دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه إلى ضرورة احترام الطرفين لبعضهما البعض، والتجنب أي أعمال عدائية قد تعرقل تنفيذ الاتفاق. ومع ذلك، فقد انتقد بعض المراقبين موقف الاتحاد الإفريقي، معتبرين أنه غير حاسم، ويفتقر إلى الوضوح.

تحركات للحفاظ على سيادة الصومال

أعربت مصر عن دعمها لجمهورية الصومال، وأكدت على التزامها بوحدة وسيادة الصومال. كما أعربت دول أخرى، مثل كينيا وقطر، عن دعمها لجمهورية الصومال.

رفض كينيا

رفضت كينيا الاتفاق، معتبرة أنه يشكل تهديدًا لأمنها القومي. كما حذرت كينيا من أي تدخل عسكري قد ينجم عن هذا الاتفاق.

اتجاهات متعاكسة

تباينت ردود الفعل الدولية على الاتفاق، حيث أيده الاتحاد الأفريقي، بينما رفضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين.

المواقف الدولية

رفضت الولايات المتحدة والصين الاتفاق، معتبرتين أنه انتهاكًا لسيادة جمهورية الصومال. كما أعربت الدولتان عن أهمية الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وتجنب التداخل في الشؤون السيادية للدول.

تداعيات الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال

أثار الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال ردود فعل متباينة، حيث أيدته أرض الصومال وإثيوبيا، بينما رفضته جمهورية الصومال الفيدرالية والعديد من الدول الأخرى.

يمكن تقسيم تداعيات الاتفاق إلى ثلاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: تداعيات الاتفاق على وحدة الصومال

سيناريو 1: تحقيق استقلال أرض الصومال

إذا نجح الاتفاق في تنفيذه، فسيكون ذلك بمثابة خطوة مهمة نحو تحقيق استقلال أرض الصومال. ففي حال احترام كلا الطرفين لمذكرة التفاهم، سيمنح ذلك الفرصة لأرض الصومال بأن تتمتع باستقلال ذاتي، وتكون إثيوبيا أول دولة إفريقية تمنح الاستقلال الذاتي لأرض الصومال.

سيناريو 2: زيادة التوترات بين الصومال وإثيوبيا

إذا رفضت جمهورية الصومال الاتفاق، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات بين الصومال وإثيوبيا. فجمهورية الصومال تعتبر الاتفاق خرقًا لسيادتها، وقد أعلنت أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضده.

المحور الثاني: تداعيات الاتفاق على العلاقات الإقليمية

سيناريو 1: زيادة التعاون المُشترك

مع إصرار جمهورية الصومال الفيدرالية على أن أرض الصومال (صوماليلاند) جزء من أراضيها، ومع الاعتراف من قبل عدد من دول الجوار بهذا الأمر، من المرجح تطور علاقات الصومال مع الجهات الفاعلة المهمة التي تبدي رفضًا لمذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال في منطقة القرن الإفريقي.

سيناريو 2: زيادة العزلة الصومالية

في حال نجاح الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال وتوتر العلاقات الصومالية الإثيوبية، من المرجح زيادة العداء بين الصومال وإثيوبيا. وبالتالي سيكون الصومال مجبرًا على قطع علاقاته مع الدول التي تؤيد مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا.

المحور الثالث: تداعيات الاتفاق على إثيوبيا

سيناريو 1: تحقيق مصالح إثيوبيا

يحقق الاتفاق مصالح إثيوبيا على عدة مستويات، منها:

الحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، وهو أمر مهم لإثيوبيا التي لا تمتلك سوى منفذ واحد على البحر الأحمر، وهو ميناء جيبوتي.
تأمين خطوط الإمدادات التجارية والعسكرية لإثيوبيا.
تعزيز التعاون مع أرض الصومال في مجالات الأمن والتجارة والاستثمار.
سيناريو 2: تصاعد التوترات مع الدول التي ترفض الاتفاق

إذا رفضت الدول التي ترفض الاتفاق، مثل الولايات المتحدة والصين، التعاون مع إثيوبيا، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تصاعد التوترات بين إثيوبيا وهذه الدول.

خاتمة

في النهاية، تبقى تداعيات الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال ضبابية إلى حد ما، ويعتمد تطورها على عدة عوامل، منها:

مدى التزام الطرفين بمذكرة التفاهم.
ردود الفعل الدولية على الاتفاق.
قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حل دبلوماسي.