عودة يوسف بطرس غالي: خطوة اقتصادية تعكس رؤية الدولة المصرية نحو الاستفادة من الخبرات الوطنية
في مفاجأة اقتصادية من العيار الثقيل، شهدت الساعات الأخيرة عودة الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية المصري الأسبق وأحد أبرز الكفاءات الاقتصادية العالمية، إلى الساحة الاقتصادية المصرية بقرار جمهوري.
تلك العودة تأتي بعد غياب دام 13 عامًا، وتحديدًا منذ عام 2011. القرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية يعيد غالي إلى واجهة العمل العام، ويطرح تساؤلات حول أبعاد هذه الخطوة وأهدافها.
المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية: المخطط الاستراتيجي لاقتصاد مصر
وفقًا للقرار الجمهوري رقم 222 لسنة 2024، سيعمل الدكتور يوسف بطرس غالي ضمن تشكيلة جديدة للمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية، إلى جانب مجموعة من أبرز الخبراء الاقتصاديين في مصر، بينهم الدكتور هاني قدري دميان وزير المالية الأسبق، والمهندس محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية.
هذا المجلس يُعد بمثابة “بيت الخبرة” للدولة، حيث يتولى دراسة واقتراح السياسات الاقتصادية العامة، وتقديم توصيات حول أفضل طرق استغلال الموارد المتاحة، ووضع خطط علمية لتحفيز النمو الاقتصادي.
تشمل مهامه أيضًا دراسة الأسواق الخارجية واقتراح خطط لتوسيع الصادرات المصرية. بمعنى آخر، المجلس يمثل العقل المفكر لرسم السياسات الاقتصادية المستقبلية للدولة.
دلالة اختيار يوسف بطرس غالي: رسالة واضحة من القيادة السياسية
عودة الدكتور يوسف بطرس غالي إلى هذا المنصب الرفيع المستوى تحمل رسائل عدة من القيادة السياسية المصرية. الرسالة الأولى هي أن مصر لا تفرط في كفاءاتها الوطنية، وأنه لا إقصاء لأي شخصية مهنية طالما لم تثبت إدانتها في قضايا فساد أو مخالفات قانونية.
يُذكر أن الدكتور يوسف بطرس غالي نال براءته من كافة التهم الموجهة إليه سابقًا بحكم محكمة نهائي، مما يمهد الطريق لعودته إلى العمل العام.
الرسالة الثانية هي أن الدولة المصرية تسعى للاستفادة من جميع الخبرات الوطنية، خاصة تلك التي تملك سجلًا مهنيًا حافلًا على المستوى الدولي.
تعيين غالي يعكس إيمان القيادة بقدرة الكفاءات المصرية على إحداث تغيير إيجابي في اقتصاد البلاد، خاصة في ظل التحديات العالمية الراهنة.
مسيرة يوسف بطرس غالي: خبرات عالمية وإسهامات وطنية
تُعد مسيرة الدكتور يوسف بطرس غالي واحدة من أغنى المسيرات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي. فقد شغل غالي مناصب دولية هامة، من بينها رئاسة سياسات الاستثمار بمجموعة “كونكورد إنترناشيونال” للاستثمارات، كما كان عضو مجلس إدارة غير تنفيذي بشركة “ستانهوب إنفستمنتس”. إضافة إلى ذلك، سبق له العمل كخبير في صندوق النقد الدولي، وشغل منصب كبير مفاوضي مصر في برامج الإصلاح الاقتصادي التي دعمتها المؤسسات المالية الدولية خلال الثمانينيات.
على المستوى المحلي، قاد غالي وزارة المالية المصرية في فترة حاسمة بين عامي 2004 و2011، حيث شهدت مصر آنذاك عدة إصلاحات اقتصادية ساعدت في تحقيق استقرار اقتصادي نسبي قبل موجة الأزمات العالمية.
رؤية مستقبلية
تُعد عودة غالي إلى المشهد الاقتصادي المصري جزءًا من رؤية الدولة لتطوير وتنمية الاقتصاد الوطني، وتعكس إصرار القيادة على الاستفادة من كافة الكفاءات الوطنية، سواء كانت داخل البلاد أو خارجها.
كما أن هذه الخطوة تؤكد أن مصر تعزز مبدأ المصالحة مع الخبرات السابقة والاستفادة منها في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي تواجهها البلاد على المستويين الداخلي والخارجي.
ختامًا، تعكس هذه العودة ثقة القيادة المصرية في أن مرحلة التطوير الاقتصادي لا تكتمل دون مشاركة كافة الكفاءات والخبرات، وتؤكد على نهج الدولة في تعزيز قدراتها الاقتصادية عبر الاستفادة من تجارب وخبرات وطنية عالية المستوى.
تعليقات 0