التطريز السيناوي.. تراث عريق ينتقل من الأجداد إلى عالم الموضة الحديثة

منذ 6 ساعات
التطريز السيناوي.. تراث عريق ينتقل من الأجداد إلى عالم الموضة الحديثة

في قلب سيناء، حيث يلتقي عبق التراث بمتطلبات العصر الحديث، تبرز حرفة التطريز السيناوي كأحد الفنون التراثية العريقة التي تحمل في طياتها تاريخاً يمتد لقرون.

وكانت هذه الحرفة حكراً على النساء البدويات، وهي اليوم تعود لتزدهر، لافتة الأنظار ومتصدرة المشهد في عالم الموضة المعاصرة.

التطريز السيناوي.. تراث عريق ينتقل من الأجداد إلى عالم الموضة الحديثة

تاريخ عريق وهوية ثقافية
يُعتبر التطريز السيناوي من أقدم الحرف التي تميزت بها النساء في سيناء على مر العصور. إذ كان هذا الفن اليدوي وسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية والجمالية للمرأة السيناوية.

وكانت السيدات البدويات يُطرزن ملابسهن، خاصة الأثواب وأغطية الرأس التقليدية “القنعة”، باستخدام الخيط والإبرة لصناعة لوحات فنية غنية بالألوان والرموز التراثية.

التطور والحداثة
مع تطور الزمن، شهد فن التطريز السيناوي تحولات كبيرة. فلم يعد محصوراً في الملابس التقليدية فقط، بل انتقل إلى مجالات عصرية، ليتم دمجه في العبايات والإكسسوارات والحقائب اليدوية، وحتى في المنتجات اليدوية المنزلية مثل الوسائد.

وهذا التطور جاء بفضل النساء السيناويات اللواتي وجدن في هذه الحرفة التراثية فرصة لتحويلها إلى مصدر دخل مستدام يتماشى مع متطلبات السوق الحديثة.

التطريز كوسيلة للتمكين الاقتصادي
فؤادة سماحة، خبيرة في مجال التطريز السيناوي، تؤكد أن هذا الفن شهد انتعاشاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة. تقول: “التطريز عاد ليكون مهنة مطلوبة، لكن بشكل يتماشى مع متطلبات العصر”.

وتضيف أن الجمعيات المحلية في سيناء تلعب دوراً كبيراً في دعم النساء العاملات في هذا المجال، حيث توفر لهن المواد الخام وتسهم في تسويق منتجاتهن في الأسواق المحلية.

الإقبال السياحي ودور المعارض
من أبرز عوامل نجاح التطريز السيناوي هو الإقبال الكبير من قبل السياح الذين يزورون سيناء. يبحث السياح عن منتجات تعكس الهوية الثقافية للمنطقة، والتطريز السيناوي يقدم لهم تحفاً فنية فريدة. تقول سماحة: “كل قطعة مطرزة تُعد بمثابة لوحة فنية فريدة من نوعها، مما يجعلها جذابة للسياح والزبائن المحليين على حد سواء”.

التطريز السيناوي.. تراث عريق ينتقل من الأجداد إلى عالم الموضة الحديثة
كما أشارت سماحة إلى أهمية المعارض المحلية والوطنية التي تعرض المنتجات المطرزة، مؤكدة أن هذه المعارض تسهم في زيادة الطلب على هذه المنتجات، مما يفتح آفاقاً جديدة للنساء العاملات في هذا المجال، ويساهم في دعمهن اقتصادياً.

نقل الحرفة إلى الأجيال الجديدة
في ظل هذا الانتعاش، تحرص النساء اللواتي يتقن فنون التطريز على نقل هذه المهارة إلى الأجيال الجديدة.

فتعليم الفتيات الصغيرات هذه الحرفة التراثية يضمن استمرارها ويحافظ على التراث السيناوي العريق.

وتوضح سماحة أن “الحفاظ على أسرار المهنة ونقلها إلى الأجيال الجديدة يساعد الشباب على اكتساب مهارات جديدة قد تكون حجر الأساس في بناء مستقبلهم”.

ختاماً
يبقى التطريز السيناوي فناً يعكس روح سيناء وجمالها، يجمع بين الماضي والحاضر، وبين الأصالة والحداثة.

بفضل الجهود المبذولة للحفاظ عليه وتطويره، يواصل هذا الفن التراثي تألقه في عالم الموضة، ويمنح النساء السيناويات فرصة للتمكين الاقتصادي والاجتماعي، مع الحفاظ على هوية المنطقة وثقافتها.