العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

منذ 6 ساعات
العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

تشهد العلاقات الفرنسية الإسرائيلية تصاعداً في التوتر على خلفية دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف تسليم الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب تصاعد العنف في قطاع غزة.

هذه الدعوة لم تمر مرور الكرام، إذ قابلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برد فعل غاضب، حيث وصف ماكرون وغيره من القادة الأوروبيين الذين يتبنون مواقف مماثلة بأنهم يرتكبون “عاراً” بمطالبتهم بوقف توريد الأسلحة إلى بلاده.

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

الخلفية الدبلوماسية للعلاقات بين فرنسا وإسرائيل
لطالما اتسمت العلاقات بين فرنسا وإسرائيل بالقوة، حيث كانت فرنسا من بين الحلفاء الغربيين الرئيسيين لإسرائيل على مدار العقود الماضية.

ولكن مع تطور الصراع في الشرق الأوسط، وخصوصاً فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتدخلات العسكرية الإسرائيلية في لبنان،

وبدأت تظهر خلافات دبلوماسية واضحة بين البلدين. دعوة ماكرون لوقف تسليم الأسلحة لإسرائيل جاءت في ظل تزايد الدعوات الدولية لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي أودت بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين.

ماكرون، في تصريحاته، أوضح أن “الأولوية الآن هي العودة إلى الحل السياسي”، مؤكدًا على أهمية وقف إرسال الأسلحة التي تستخدم في النزاع القائم في غزة.

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان
غزة

وهذه التصريحات تعكس موقفاً فرنسياً يسعى لتحقيق نوع من التوازن في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، لكن الرد الإسرائيلي على هذه الدعوات كان شديد اللهجة.

رد فعل إسرائيل على الدعوات الفرنسية
رد فعل نتنياهو كان قوياً ومباشراً، حيث انتقد بشدة دعوة ماكرون، قائلاً في مقطع فيديو نشره مكتبه: “إسرائيل ستنتصر بدعمهم أو بدونه”.

وأضاف أن الدعوة إلى حظر الأسلحة على إسرائيل تمثل وصمة عار على من يتبناها، مما يشير إلى أن إسرائيل ترى في هذه الدعوات محاولة لعرقلة جهودها العسكرية ضد ما تصفه بـ”الإرهاب” في غزة.

وفي سياق متصل، شهدت الأيام الأخيرة مشادة دبلوماسية بين وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، حيث دعت فرنسا إلى عدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية،

وهو ما رفضته إسرائيل، معتبرة أن التصعيد ضد إيران ضرورة لحماية أمنها القومي. هذه الحادثة تسلط الضوء على تباين وجهات النظر بين البلدين بشأن كيفية التعامل مع التهديدات الإقليمية، مثل إيران وحزب الله.

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

التوترات الإقليمية والضغوط الداخلية على فرنسا
إلى جانب التصعيد الإسرائيلي ضد غزة، يتزايد الضغط على إسرائيل من جبهات أخرى في المنطقة، بما في ذلك لبنان، حيث شنت إسرائيل غارات على مواقع تابعة لحزب الله. وفي هذا السياق، انتقد ماكرون العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان،

مشيراً إلى أن “الحل العسكري لن يجلب الاستقرار للمنطقة”. فرنسا، باعتبارها دولة عضو في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، طالبت بوقف إطلاق النار في لبنان، وهو المطلب الذي حظي بدعم الدول الأعضاء في المنظمة.

هذه المواقف الفرنسية تأتي في وقت حساس داخلياً، حيث يعيش في فرنسا نحو 6 ملايين مسلم، معظمهم من أصول عربية. وهذا العدد الكبير من الجالية المسلمة يمثل قوة ضغط داخلية على الحكومة الفرنسية لتبني سياسات أكثر توازناً في الشرق الأوسط، خاصة مع تزايد الانتقادات الدولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية.

الدور الفرنسي في التهدئة ومحاولات الوساطة
بالإضافة إلى المواقف الرسمية، تلعب فرنسا دوراً مهماً في محاولات التهدئة في الشرق الأوسط، حيث وافق ماكرون على المشاركة في لجنة ثلاثية تضم فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة بهدف نزع فتيل التوتر بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.

وهذه اللجنة تهدف إلى تقديم خريطة طريق لإنهاء الصراع، وتضمنت مقترحات بتعزيز دور قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تعزيز دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن.

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

فرنسا، رغم تماشيها مع السياسات الأوروبية والغربية الداعمة لإسرائيل، تحاول أيضاً الحفاظ على علاقات جيدة مع العالم العربي، وهو ما يدفعها إلى اتخاذ مواقف وسطية تهدف إلى منع التصعيد، مع التأكيد على ضرورة التوصل إلى حلول سياسية للصراعات القائمة.

التحديات التي تواجه فرنسا في علاقتها مع إسرائيل
فرنسا تجد نفسها في موقف معقد، حيث تحاول تحقيق توازن دقيق بين دعمها لإسرائيل كحليف غربي قوي، وبين الحفاظ على مصالحها في العالم العربي والإسلامي. هذا التوازن يظهر بوضوح في مواقف ماكرون الأخيرة، حيث أكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه في الوقت نفسه دعا إلى وقف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين في غزة ولبنان.

هذه السياسة المتوازنة قد تواجه تحديات متزايدة مع استمرار التصعيد في المنطقة. فالتوتر بين إسرائيل وإيران يتزايد، وخصوصاً مع التصريحات الإيرانية التي تهدد بالرد على أي هجوم إسرائيلي. وفي هذا السياق، تتخوف فرنسا من أن يؤدي دعمها غير المشروط لإسرائيل إلى تعقيد علاقاتها مع إيران، التي تعد لاعباً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط.

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بين المصلحة والدبلوماسية.. باريس تمنع السلاح عن تل أبيب من أجل غزة أم لبنان

المستقبل القريب للعلاقات الفرنسية الإسرائيلية
في النهاية، يبدو أن التوتر الدبلوماسي الحالي بين فرنسا وإسرائيل، رغم شدته الإعلامية، لن يؤثر بشكل كبير على التحالف الاستراتيجي بين البلدين. فرنسا تظل حليفاً قوياً لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تسعى للحفاظ على علاقاتها مع العالم العربي وتجنب التوترات الداخلية في ظل وجود جالية مسلمة كبيرة في البلاد.

ومع استمرار النزاع في غزة والتوترات مع إيران وحزب الله، ستظل فرنسا تلعب دوراً محورياً في محاولات التهدئة، سواء من خلال الدعوة إلى وقف التصعيد أو من خلال المشاركة في لجان الوساطة الدولية.

وعلى الرغم من الانتقادات المتبادلة، فإن العلاقة بين فرنسا وإسرائيل ستبقى قائمة على المصالح المشتركة، لكنها ستواجه اختباراً حقيقياً إذا استمر التصعيد في المنطقة دون حل سياسي واضح.