28 نوفمبر 2024 05:44
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

لجنة 7 أكتوبر تفضح دولة الاحتلال.. غطرسة نتنياهو وتقاعس القيادة العسكرية سبب الكارثة

قرر تحالف من الناجين وأسر ضحايا هجمات 7 أكتوبر مواجهة القيادة السياسية والعسكرية مباشرة، عبر تشكيل لجنة تحقيق مدنية مستقلة، في مشهد يعكس عمق الإحباط الشعبي من تجاهل الحكومة للمساءلة.

التقرير الذي أصدرته اللجنة لم يكن مجرد توثيق للكارثة، بل جاء كسكين حاد مزّق سمعة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي طالما تباهت بأنها الأقوى في المنطقة، ملقيًا باللوم بشكل مباشر على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار القادة العسكريين.

لجنة 7 أكتوبر تفضح دولة الاحتلال.. غطرسة نتنياهو وتقاعس القيادة العسكرية سبب الكارثة

تقرير يعرّي القيادة السياسية والعسكرية
التقرير الصادر عن اللجنة المستقلة وجه انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمًا إياه باتخاذ قرارات خاطئة على مدى سنوات أدت إلى تصدع العلاقة بين القيادة السياسية والعسكرية، مما جعل إسرائيل غير مستعدة لهجوم مفاجئ ومدمر كالذي حدث.

واتهم التقرير القيادة السياسية بإهمال دور المنتديات العليا لصنع القرار في قضايا الأمن القومي، مما حال دون إجراء نقاشات معمقة كان يمكن أن تفضي إلى سياسات أكثر حكمة واستعدادًا.

لم تسلم القيادة العسكرية من النقد الحاد، حيث أشار التقرير إلى تقليص القوات المتمركزة على حدود غزة وتراجع انضباط الجنود الباقين، بالإضافة إلى الاعتماد المفرط على الاستخبارات الإشارية على حساب المراقبة البشرية والبصرية.

هذه القرارات، بحسب التقرير، ساهمت بشكل مباشر في خلق بيئة هشّة أفضت إلى الاختراق الكبير في هجمات 7 أكتوبر.

إحباط شعبي وحكومة عاجزة عن المساءلة
الهجوم، الذي يُعد الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، خلّف صدمة نفسية هائلة داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة أن الرد الحكومي لم يرقَ إلى مستوى الكارثة، بل عكس حالة من التهرب والتسويف في مواجهة المسؤولية.

وبينما كان الإسرائيليون ينتظرون تشكيل لجنة تحقيق رسمية تقودها الحكومة، فوجئوا برفضها المتكرر لإجراء أي تحقيق شامل، ما دفع المتضررين إلى أخذ زمام المبادرة بأنفسهم.

اللجنة، التي ضمت شخصيات بارزة من بينها قاضٍ متقاعد ومفوض شرطة سابق ورئيس بلدية، استمعت إلى شهادات 120 شخصًا من شهود عيان ومسؤولين سابقين، ووثّقت في تقريرها كيف أن غطرسة القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو، أدت إلى انهيار منظومة التنسيق بين الأجهزة السياسية والعسكرية، تاركة البلاد مكشوفة أمام تهديدات وجودية.

لجنة 7 أكتوبر تفضح دولة الاحتلال.. غطرسة نتنياهو وتقاعس القيادة العسكرية سبب الكارثة

تجاهل التحذيرات وغياب الجاهزية
التقرير أشار بوضوح إلى أن نتنياهو تجاهل مرارًا التحذيرات التي قدمها مسؤولون استخباراتيون ودفاعيون في الأشهر التي سبقت الهجوم. وأوضح أن رئيس الوزراء توقّف عن عقد الاجتماعات الدورية مع رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية، كما تدهورت علاقته بوزير الدفاع المقال مؤخرًا يوآف جالانت، ما أثر سلبًا على عملية صنع القرار في القضايا الأمنية الحساسة.

إحدى النقاط الأكثر إثارة في التقرير كانت تسليطه الضوء على الانقسامات الداخلية التي عمقتها سياسات نتنياهو، حيث اتهم التقرير القيادة السياسية بتعزيز انقسام بين الهيئات الأمنية والعسكرية، مما جعل من المستحيل على الأجهزة المعنية العمل بتناغم لمواجهة التحديات.

صوت الضحايا يتحدى السلطة
أهالي الضحايا وشهود العيان الذين شكلوا اللجنة أكدوا أن تقريرهم ليس مجرد وثيقة تشرح الأحداث، بل هو دعوة صريحة للمساءلة الحقيقية. في مؤتمر صحفي عُقد في تل أبيب، عبّر زعماء اللجنة عن أسفهم لأن الحكومة أجبرتهم على تشكيل هيئة مستقلة بدلًا من إجراء تحقيق رسمي. ودعوا إلى ضرورة توفير آليات شفافة للمراجعة والمحاسبة بين كبار المسؤولين في الدولة.

وأكد أحد أعضاء اللجنة أن “الإسرائيليين يشعرون بخيبة أمل عميقة، حيث كان الاعتقاد السائد دائمًا أن الدولة اليهودية، التي قامت في أعقاب المحرقة، ستكون قادرة على حماية مواطنيها. لكن هذه الكارثة هزّت هذا الاعتقاد من جذوره”.

ردود فعل متباينة وصمت رسمي
بينما لم تصدر الحكومة الإسرائيلية أي رد رسمي على التقرير، رفض مكتب نتنياهو التعليق، مكررًا تصريحات سابقة بأن “المساءلة يجب أن تأتي بعد الحرب على غزة”. أما الجيش الإسرائيلي، فيواصل تحقيقاته الخاصة بحوادث محددة، إلا أن هذه التحقيقات لم تقدم أي إجابات شاملة حتى الآن.

ومن جهة أخرى، يُنظر إلى تقرير اللجنة المدنية باعتباره خطوة رمزية أكثر من كونه وثيقة ذات تأثير قانوني. فهي لا تمتلك صلاحيات استدعاء الشهود أو الاطلاع على الوثائق السرية، وهو ما يقتصر على لجنة تحقيق حكومية رسمية.

أزمة الثقة ومستقبل القيادة
التقرير لم يقتصر على كشف الإخفاقات الأمنية فقط، بل عكس أيضًا أزمة الثقة العميقة بين الشعب والقيادة. ومع استمرار نتنياهو في التمسك بمنصبه رغم مواجهته اتهامات فساد، تبدو الحكومة الإسرائيلية في موقف حرج، حيث تواجه ضغوطًا متزايدة من الداخل والخارج لإصلاح منظومتها الأمنية والسياسية.

ورغم أن التقرير قد لا يؤدي إلى عواقب مباشرة على الحكومة الحالية، فإنه يعزز المطالب الشعبية بضرورة إعادة هيكلة النظام السياسي والأمني في إسرائيل، لضمان عدم تكرار مثل هذه الكارثة في المستقبل.