5 فبراير 2025 05:59
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

النصيرية من جبل العلويين إلى قصر الرئاسة.. سقوط نظام الأسد هل ينهي عصر الهيمنة الطائفية في سوريا

مثّل سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 نقطة تحول مفصلية في تاريخ سوريا، واضعًا حدًا لحكم استمر قرابة خمسة عقود تحت سيطرة عائلة الأسد.

هذه اللحظة الفارقة تمثل ليس فقط انهيار نظام استبدادي، بل أيضًا بداية حقبة جديدة مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية، حيث يواجه السوريون مهمة معقدة لإعادة بناء وطن مدمر، وتحقيق المصالحة الوطنية، واستشراف مستقبل يحقق السلام والعدالة.

النصيرية من جبل العلويين إلى قصر الرئاسة.. سقوط نظام الأسد هل ينهي عصر الهيمنة الطائفية في سوريا - 5 - سيناء الإخبارية

الطائفة العلوية بين الماضي والحاضر
منذ أن صعد حافظ الأسد، والد الرئيس المخلوع بشار، إلى السلطة في سبعينيات القرن الماضي، لعبت الطائفة العلوية، دورًا محوريًا في المشهد السياسي السوري.

أخبار تهمك

خيوط الصراع تتشابك.. صفقة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل ومصير سكان غزة - 1 - سيناء الإخبارية

خيوط الصراع تتشابك.. صفقة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل ومصير سكان غزة

بين مطرقة الموت وسندان الحصار.. شهادات أطباء غزة من قلب معركة إنقاذ حياة أهالي القطاع - 3 - سيناء الإخبارية

بين مطرقة الموت وسندان الحصار.. شهادات أطباء غزة من قلب معركة إنقاذ حياة أهالي القطاع

هذه الطائفة، التي تمتد جذورها إلى المناطق الجبلية في الساحل السوري، كانت تعيش في عزلة تاريخية، بعيدًا عن التيارات السياسية الكبرى.

لكن مع وصول حافظ الأسد إلى الحكم عام 1970، انتقلت الطائفة من الهامش إلى قلب السلطة، حيث أصبحت مراكز القيادة العسكرية والسياسية تحت سيطرة أفراد من هذه الطائفة.

ورغم ذلك، لم تكن هذه السيطرة خالية من الانتقادات والجدل، حيث تعرضت الطائفة لاتهامات بالاستئثار بالسلطة وتهميش باقي مكونات المجتمع السوري.

وعلى مر العقود، ارتبط اسم الطائفة بتحالفات سياسية ودينية أثرت على صورتها العامة، من تعاونها مع الاستعمار الفرنسي في الماضي، إلى الاعتماد عليها كقاعدة رئيسية لقمع الثورة السورية.

العلويون

العلويون

أصول الطائفة العلوية: تاريخ معقد وهوية غامضة
تعود أصول الطائفة العلوية إلى القرن الثالث الهجري، حين تأسست على يد محمد بن نصير البصري النميري، الذي ادّعى النبوة ورسالة جديدة. اعتُبرت النصيرية، التي باتت تُعرف لاحقًا بالعلوية، فرقة باطنية تمزج بين تعاليم الإسلام وبعض المعتقدات الوثنية والمجوسية والمسيحية.

تؤمن الطائفة بعقائد مثيرة للجدل، مثل ألوهية علي بن أبي طالب، وتقديس الخمر، ورفض العبادات التقليدية كالصلاة والصوم والحج. ومنذ نشأتها، حرصت الطائفة على الحفاظ على طابعها السري وعدم نشر معتقداتها، ما زاد من الغموض المحيط بها.

من الهامش إلى قمة السلطة
كان وصول حافظ الأسد إلى الحكم نقطة تحول كبرى في تاريخ العلويين. بتولي الأسد السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1970، أصبح للعلويين دور مركزي في حكم سوريا. كانت المناصب الحساسة، خصوصًا في الجيش والأجهزة الأمنية، تُمنح لعناصر من الطائفة، مما عزز نفوذها وأثار سخط باقي الطوائف.

النصيرية من جبل العلويين إلى قصر الرئاسة.. سقوط نظام الأسد هل ينهي عصر الهيمنة الطائفية في سوريا - 8 - سيناء الإخبارية

حافظ الأسد

لكن هذه السيطرة جاءت بثمن، حيث تحولت الطائفة إلى هدف مباشر لانتقادات المعارضة، خاصة خلال الثورة السورية التي اندلعت عام 2011. ومع استمرار النظام في قمع الاحتجاجات بوحشية، تعمقت الانقسامات الطائفية، وازدادت العداءات تجاه العلويين.

الثورة السورية: نقطة البداية للنهاية
بدأت الثورة السورية في مارس 2011 كحراك شعبي سلمي يطالب بالحرية والإصلاح. لكن مع تصاعد القمع الذي مارسه النظام، تحولت الثورة إلى نزاع مسلح، مما أدى إلى تدخلات إقليمية ودولية. دعمت إيران وحزب الله النظام السوري، بينما تلقت المعارضة دعمًا من قوى إقليمية ودولية، مما جعل سوريا ساحة صراع معقدة ومتعددة الأبعاد.

في خضم هذا النزاع، اعتمد النظام بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي من الطائفة العلوية، مما جعلها تتحمل تبعات الصراع، سواء من حيث الخسائر البشرية أو الضغوط الاجتماعية.

سقوط الأسد: نهاية عهد وبداية تحديات جديدة
بعد سنوات طويلة من الصراع المستمر، جاء سقوط الأسد ليفتح الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ سوريا. انهيار النظام لم يكن مجرد حدث سياسي، بل مثّل لحظة فارقة تحمل معها الكثير من الأسئلة حول مستقبل البلاد.

النصيرية من جبل العلويين إلى قصر الرئاسة.. سقوط نظام الأسد هل ينهي عصر الهيمنة الطائفية في سوريا - 10 - سيناء الإخبارية

التحديات أمام سوريا ما بعد الأسد
رغم سقوط النظام، إلا أن التحديات التي تواجه سوريا هائلة. إعادة بناء الدولة تتطلب جهدًا جماعيًا من كافة المكونات السورية، مع التركيز على تحقيق المصالحة الوطنية وضمان العدالة الانتقالية.

بالإضافة إلى ذلك، يبرز ملف إعادة الإعمار كأحد أكبر التحديات، حيث تحتاج البلاد إلى استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية المدمرة.

على الصعيد السياسي، يبقى تشكيل نظام حكم جديد يمثل كافة السوريين مهمة صعبة في ظل الانقسامات الطائفية والسياسية العميقة. كما أن معالجة الجراح الاجتماعية والنفسية التي خلفتها سنوات الحرب ستكون ضرورية لتحقيق السلام المستدام.

سوريا

سوريا

الأمل في المستقبل
رغم حجم التحديات، إلا أن الأمل يبقى حاضرًا. سقوط الأسد يعطي فرصة للسوريين لبدء صفحة جديدة من تاريخهم، صفحة تُبنى على قيم الحرية والعدالة والديمقراطية. ومع دعم المجتمع الدولي، يمكن لسوريا أن تتجاوز ماضيها المؤلم وتبدأ في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.

ختامًا، يمثل سقوط نظام الأسد لحظة تاريخية تضع سوريا على مفترق طرق. الطريق نحو السلام والاستقرار طويل وشاق، لكنه ليس مستحيلًا إذا ما توحدت جهود السوريين والمجتمع الدولي لتحقيق ذلك.