4000 قتيل و80% من ترسانته الصاروخية مدمرة.. حزب الله على حافة الإنهيار بعد حرب 2023
لطالما كان حزب الله محور جدل في المنطقة، حيث نجح في تحقيق انتصارات ميدانية ملحوظة، لكنه لم يخلُ من انتقادات كثيرة حول أهدافه وأدواره في مختلف النزاعات الإقليمية.
وبعد آخر مواجهة عسكرية كبيرة، يواجه الحزب تحديات استثنائية، تثير العديد من التساؤلات حول مستقبله في المشهد الإقليمي، وخصوصًا بعد سلسلة من الخسائر الكبيرة التي تكبدها في سوريا ولبنان.
خسائر فادحة تتجاوز الأبعاد العسكرية
في مواجهة تصاعد التوترات، يصر حزب الله على أن المعركة الأخيرة كانت انتصارًا استراتيجيًا له، لكن الأدلة الميدانية تشير إلى حجم الخسائر الفادحة على مختلف الأصعدة.
وتشير تقديرات إلى أن الحزب فقد نحو 4000 مقاتل منذ بداية المواجهات في 8 أكتوبر 2023 وحتى وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، وهو ما يعد أكبر خسارة بشرية له منذ بداية نشاطه العسكري في المنطقة.
كما تشير التقديرات إلى أن 80% من قدرات الحزب الصاروخية قد تم تدميرها نتيجة الهجمات الجوية الإسرائيلية، بينما أفادت مصادر أمريكية بتدمير 50% من هذه القدرات فقط.
أزمة ثقة وتآكل الدعم الشعبي
الحديث عن انتصار حزب الله في المعركة الأخيرة قد يواجه تآكلًا متزايدًا في ثقة قواعده الشعبية، خاصة وأن العديد من أنصاره يشعرون بخيبة أمل شديدة نتيجة الخسائر البشرية والمادية.
فقد أصبح من الواضح أن الحزب يواجه أزمة كبيرة في الحفاظ على دعم شريحة واسعة من اللبنانيين الذين بدأوا يشككون في جدوى استمرار الحزب في السياسة الإقليمية.
تداعيات إقليمية ودولية على حزب الله
إن تأثيرات هذه الخسائر تتعدى الحدود اللبنانية لتشمل المنطقة ككل، وبالأخص في العلاقات الإيرانية-السورية.
فحزب الله يُعتبر الذراع العسكري لإيران في المنطقة، وأي تراجع في قوته أو نفوذه سيؤثر بشكل كبير على توازن القوى في المنطقة، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها سوريا بعد سنوات من الحرب.
من جانب آخر، يؤثر فقدان الحزب لعدد من قادته العسكريين، منهم عماد مغنية في 2008، على استراتيجيته العسكرية. كما أدى الهجوم الإسرائيلي على شبكة المعابر الحدودية إلى تدمير نحو 130 معبرًا غير رسميًا كانت تستخدم لتهريب الأسلحة والذخائر إلى لبنان وسوريا.
تحولات في المشهد الداخلي اللبناني
في ظل الأوضاع الراهنة، تتزايد الضغوط على حزب الله في لبنان للمشاركة في الحلول السياسية والاقتصادية. فالوضع الداخلي يمر بمرحلة دقيقة من الاستقرار السياسي، حيث يقترب لبنان من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 يناير 2025، مما يفرض على الحزب إعادة النظر في موقفه السياسي.
وربما يتعين عليه أن يتنازل عن دعمه مرشحًا للرئاسة، ويراعي الظروف السياسية الداخلية بهدف الوصول إلى توافق وطني، خصوصًا في ظل المطالب المتزايدة لعدم زج لبنان في صراعات إقليمية.
الانحسار الجغرافي والقدرات العسكرية
منذ بداية وقف إطلاق النار، بات حزب الله في موقف دفاعي. وبموجب الاتفاقات التي تم التوصل إليها، تم تحديد إعادة انتشار قوات الأمم المتحدة “اليونيفيل” في جنوب لبنان، مما يشير إلى انحسار تأثير الحزب العسكري في هذه المنطقة.
كما تشمل هذه الاتفاقات نزع سلاح حزب الله في الجنوب، وهو ما يشير إلى تراجع نفوذه العسكري بشكل تدريجي.
علاوة على ذلك، تواصلت الضغوط الخارجية التي استهدفت عمليات التمويل العسكري للحزب، ما جعل قدراته العسكرية تتراجع بشكل ملحوظ. ففي الوقت الذي أشار فيه الجيش الإسرائيلي إلى تدمير معظم مستودعات الأسلحة التابعة للحزب،
وأكد مسؤولون أمريكيون أن الضغوط قد تؤدي إلى تقليص قدرة الحزب على إعادة التسلح من إيران، خصوصًا مع الخسائر التي تعرضت لها شبكة المعابر التي كانت تُستخدم لنقل الأسلحة من سوريا والعراق.
التداعيات المستقبلية على استراتيجيات حزب الله
بالرغم من أن حزب الله ما زال يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الحزب قد يواجه تحديات حقيقية في المستقبل على المستوى العسكري والسياسي.
فبخلاف التحديات العسكرية، تواجهه صعوبات في تأمين الدعم المالي اللازم لاستمرار عملياته العسكرية، خصوصًا في ظل توقف الدعم الإيراني لبعض القطاعات الحيوية مثل مؤسسة القرض الحسن التي تعرضت للقصف.
من المرجح أن يعمد حزب الله إلى تعديل استراتيجيته العسكرية في المستقبل، مستفيدًا من التجنيد الداخلي لتعويض النقص البشري، والبحث عن سبل جديدة لتأمين التمويل والذخائر في ظل الحصار المستمر.
وفي المقابل، قد يعمد إلى تعزيز حضوره السياسي في لبنان، مؤكدًا التزامه بالحفاظ على الاستقرار الداخلي، على الرغم من انخراطه في صراعات خارجية.
استنتاجات وتوقعات المستقبل
يمكن القول أن حزب الله في طريقه إلى مرحلة مفصلية، فقد فشل في تفعيل استراتيجيته العسكرية بعد تلقيه خسائر فادحة في الأرواح والقدرات.
ومع انخفاض الدعم الإيراني المباشر، أصبح من المتوقع أن يسعى الحزب إلى التركيز أكثر على الداخل اللبناني لتعويض تراجع قوته العسكرية. وقد يشهد لبنان في المرحلة المقبلة تحولات سياسية كبرى، قد تؤثر بشكل مباشر على مستقبل حزب الله وتوجهاته العسكرية والسياسية.
تعليقات 0