في قاعة الانتظار.. رحلة مؤثرة في عمق الذاكرة الفلسطينية وصمود الإنسان
يتربع فيلم “في قاعة الانتظار” كأحد أبرز الأعمال السينمائية التي تروي قصة صمود الإنسان الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
الفيلم، الذي نال جائزة الجمهور في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، ويقدم شهادة حية على التشبث بالحياة من خلال رحلة مؤثرة إلى أعماق النفس الفلسطينية.
يعكس الفيلم معاناة الشعب الفلسطيني بأسلوب إنساني عميق يعكس معركة الأمل في مواجهة اليأس، والحياة في مواجهة الموت.
قصة الفيلم: معاناة في قاعة الانتظار
تدور أحداث فيلم “في قاعة الانتظار” حول حسين، شاب فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، ووالدته المسنّة رشيدة.
في زيارة طبية إلى المستشفى، يكتشف الجمهور علاقة معقدة بين الأم وابنها، ويتعرف على الطريقة التي تؤثر بها الأحداث السياسية والاجتماعية على حياتهما اليومية.
من خلال مواقف بسيطة، يتمكن المخرج معتصم طه من تقديم صورة مؤثرة عن الصراع الفلسطيني الداخلي والتحديات التي يواجهها الجيل الفلسطيني الجديد في محاولته للتعايش مع الواقع المعقد.
رشيدة، التي عاشت تجربة النكبة، لا تزال تحمل في قلبها جراح الماضي، بينما حسين يحاول التوفيق بين هويته الفلسطينية والواقع الذي يعيش فيه. وفي هذه القاعة الصغيرة في المستشفى، تتجسد معاناة الشعب الفلسطيني بأسره، حيث يتصارع الأمل والخوف في نفس الوقت.
الانتظار: حالة نفسية عميقة
عنوان الفيلم، “في قاعة الانتظار”، ليس مجرد تسمية لمكان، بل هو رمز لحالة نفسية يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عقود. فالانتظار في هذه القاعة ليس انتظارًا لفحص طبي أو دورة علاجية فحسب، بل هو انتظار أعمق يمثل انتظار الحرية، والعدالة، والعودة إلى الوطن.
لغة السينما: تعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني
من خلال الإضاءة، الموسيقى، ولغة الجسد، استطاع معتصم طه أن ينقل إلينا معاناة الشعب الفلسطيني بلغة سينمائية مؤثرة، تعكس المشاعر والأحاسيس المعقدة التي يعيشها أبطال الفيلم.
ولا يتطرق الفيلم بشكل مباشر إلى القضايا السياسية، ولكنه يسلط الضوء على علاقة الأم وابنها في ظل هذه الأوضاع، مما يجسد الحياة اليومية تحت الاحتلال بشكل حساس ومؤثر.
جائزة الجمهور: إقرار بقدرة الفيلم على التأثير
حصول الفيلم على جائزة الجمهور في مهرجان أيام قرطاج السينمائية يعد بمثابة اعتراف بجمال العمل الفني وقدرته على التأثير في نفوس المشاهدين. هذا النجاح هو شهادة على قوة الرسالة التي يحملها الفيلم، التي تجاوزت الحدود لتصل إلى جمهور واسع في مختلف أنحاء العالم.
الفيلم يستلهم الواقع الفلسطيني
في حديثه حول مصدر إلهام الفيلم، يوضح المخرج معتصم طه أن فكرة العمل استُلهمت من تجربته الشخصية، حيث كان يرافق والدته إلى المستشفى بشكل متكرر بعد وفاة والده. يضيف طه: “كنت أرى كيف تعاني أمي من صعوبة التواصل مع الآخرين بسبب حاجز اللغة، وكيف تأثرت شخصيتها بالظروف التي عاشتها، خاصة في مرحلة النكبة.”
تحديات التصوير والتنفيذ
لم تكن رحلة إخراج الفيلم خالية من التحديات. يذكر معتصم طه أن التصوير في المستشفى كان من أكبر العقبات، حيث تطلب الأمر الكثير من التنظيم والتنسيق بين الفريق لضمان تصوير المشاهد في بيئة حقيقية، مما أضاف طابعًا واقعيًا للعمل.
استغرقت مرحلة كتابة الفيلم وإنتاجه ما يقارب ثمانية أشهر، عمل خلالها طه مع فريق من السينمائيين الفلسطينيين المستقلين، وهو ما يجعل هذا الفيلم ثمرة جهد جماعي يعكس قدرة السينما الفلسطينية على الصمود والتعبير عن الواقع الفلسطيني.
رسالة الفيلم: السينما كأداة مقاومة
في تعليق له على جائزة الجمهور، يعرب معتصم طه عن سعادته الكبيرة، مؤكدًا أن “جائزة الجمهور تمثل رمزًا مهمًا لنا كصناع أفلام فلسطينيين”. ويضيف: “نحن نسعى من خلال أعمالنا السينمائية إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، ونقل مشاعر الشعب الفلسطيني إلى العالم، في الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال الإسرائيلي إسكات هذه القصص”.
المستقبل السينمائي لمعتصم طه
حول مشروعاته المستقبلية، يكشف طه عن عمله على فيلم قصير جديد، بالإضافة إلى كتابة سيناريو فيلمه الطويل الأول، مشيرًا إلى أنه يواصل دراسته للماجستير في الإخراج السينمائي في أكاديمية فامو في براج، جمهورية التشيك.
تعليقات 0