من قلب الحصار.. مقام غزة محاولة شبابية للحفاظ على الهوية والأمل عبر الموسيقى
في قلب غزة المحاصرة، ولدت أنغام الأمل. فرقة “مقام غزة” الشابة، التي جمعت بين حب الموسيقى والتراث الفلسطيني، واجهت تحديات كبيرة مع اندلاع الحرب الأخيرة. لكنها، وبإصرار وعزيمة، تمكنت من تجاوز الصعاب واستمرت في نشر رسالة السلام والحب من خلال موسيقاها.
قصة هذه الفرقة هي قصة صمود وإبداع في وجه الظروف القاسية.
وفرقة “مقام غزة”، التي وُلدت من رحم المعاناة، استطاعت أن تجعل من الموسيقى وسيلة لتوصيل رسالة السلام والحب إلى العالم، رغم قسوة الحرب وآلام النزوح.
البداية من غزة.. بين الحلم والتراث
تأسست الفرقة في أغسطس 2021 على يد أنس النجار وإياد أبو ليلة، مجموعة شبابية فلسطينية اجتمعت حول حب الموسيقى والتراث الفلسطيني. يقول قائد الفرقة، أنس النجار: “اخترنا اسم ’مقام غزة‘ لأن المقام الموسيقي يُمثل أساس النغمات التي تروي حكايات الشعوب، وغزة كانت وستظل مقام الأمل والحياة رغم كل شيء.”
استطاعت الفرقة أن تمزج بين الأنماط الموسيقية التقليدية والمعاصرة، محتفظة بجذورها الفلسطينية، حيث تركز على نشر التراث والفلكلور الفلسطيني، مع إيصال صوت الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل الحياة والحرية.
لحظة الحرب.. تغيير المسار
مع حلول السابع من أكتوبر 2023، وجدت الفرقة نفسها في قلب مأساة جديدة، حيث استيقظت على أصوات القصف الذي دمر كل شيء. يقول النجار: “لم يكن أمامنا خيار سوى النزوح نحو الجنوب بحثًا عن الأمان، تاركين أحلامنا وآلاتنا الموسيقية خلفنا.”
لكن الأقدار جمعت أعضاء الفرقة مرة أخرى في مصر، حيث استأنفوا حلمهم بعد وصولهم إلى “هوليوود الشرق”. في أول حفل موسيقي قدمته الفرقة بدار الأوبرا المصرية، حظوا بترحيب كبير من الجمهور المصري.
“كان الدعم الإنساني والفني الذي وجدناه في مصر دافعًا كبيرًا لنا”، يقول النجار، مضيفًا: “لم نتوقع هذا الكم من الحب والتضامن، ما جعلنا نؤمن بأن رسالتنا يجب أن تستمر.”
التحديات.. صراع الحصار والإبداع
يؤكد النجار أن التحديات التي واجهت الفرقة لم تكن سهلة: “الحصار كان أكبر عائق أمام مشاركتنا في عروض موسيقية بالوطن العربي، والتنقل من غزة كان مهمة شبه مستحيلة.”
وأضاف: “في أوقات الحرب، كان التفكير في نشر السعادة من خلال الموسيقى أمرًا صعبًا للغاية، خاصة عندما يكون الفنان نفسه متألمًا ومكسورًا. ومع ذلك، كنا ندرك أن رسالتنا تتطلب منا أن نكون صوتًا للفرح في وسط الحزن.”
الموسيقى كرسالة حب وسلام
تسعى “مقام غزة” إلى نشر التراث الفلسطيني عالميًا، وتؤمن بأن الموسيقى لغة الشعوب. يقول النجار: “رسالتنا الأساسية هي تأكيد حق الشعب الفلسطيني في الحياة بكرامة وسلام، ونريد أن نعبر عن هويتنا الثقافية من خلال الأغاني التراثية والفلكلورية.”
ويضيف: “نحن نحمل طموحات كبيرة، منها المشاركة في مهرجانات ثقافية دولية، وإنتاج ألبوم فلسطيني يعكس الوجه المشرق للمواطن الفلسطيني المحب للحياة.”
الحلم مستمر
رغم الظروف القاسية، يظل أعضاء “مقام غزة” متمسكين بحلمهم في أن تكون موسيقاهم جسرًا يوصل صوتهم إلى العالم. يقول النجار: “الفن أقوى من الحرب، والموسيقى هي وسيلتنا لإيصال رسالة السلام.”
قصة “مقام غزة” ليست مجرد حكاية فرقة موسيقية، بل هي شهادة حية على قدرة الإنسان على الإبداع والصمود حتى في أحلك الظروف. وسط ركام الحرب وأصوات القصف، تظل أنغام الفرقة تصدح بأمل جديد، تخبر العالم بأن غزة، رغم كل شيء، لا تزال قادرة على الحياة.
تعليقات 0