التجارة الإلكترونية في آسيا الوسطى.. تنافس حاد بين الشركات المحلية والعالمية
يشهد سوق التجارة الإلكترونية في منطقة آسيا الوسطى تنافسًا شرسًا بين عمالقة التكنولوجيا العالمية والشركات المحلية الناشئة التي تتسابق للاستحواذ على حصص في هذا السوق الواعد.
وتتطلع دول آسيا الوسطى، التي تضم كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، إلى تحقيق طفرة كبيرة في قطاع التجارة الإلكترونية في السنوات القادمة، في ظل الاهتمام المتزايد من اللاعبين الدوليين والمحليين.
في تقرير نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلاً عن منصة “البلقان” الإخبارية، أشار الخبراء إلى أن التجارة الإلكترونية في المنطقة تشهد نموًا سريعًا، وذلك بسبب ضعف انتشار سلاسل المتاجر الحديثة، حيث تظل الأسواق التقليدية (البازارات) والمتاجر المستقلة هي الوسيلة الرئيسية للتجارة.
وهذا النمو الملحوظ يعكس التوجهات الحديثة التي تسعى لتلبية احتياجات المستهلكين المحليين عبر الإنترنت، وهو ما يفتح المجال لشركات جديدة لدخول المنافسة.
بحسب البنك الدولي، نما الناتج المحلي الإجمالي لدول آسيا الوسطى بنسبة 5.6% في العام الماضي، ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 4.3% في عام 2024، ليصل إلى 5% في العام الذي يليه. هذه المؤشرات الاقتصادية تمهد الطريق لزيادة الاهتمام بالقطاع الرقمي وتوسع التجارة الإلكترونية.
تشهد هذه الأسواق تنافسًا بين الشركات المحلية والدولية والإقليمية، حيث تسعى الشركات العالمية مثل أمازون وعلي بابا لدخول السوق، رغم تحديات عدم وجود بنية تحتية محلية كافية للتوصيل السريع.
وفي المقابل، تمكنت الشركات الإقليمية مثل “وايلدبيري” الروسية من جذب المزيد من الزبائن بفضل استثماراتها الضخمة في الخدمات اللوجستية المحلية وتسهيل تعاملاتها مع البائعين المحليين.
في كازاخستان، أكبر اقتصادات المنطقة، شهد سوق التجارة الإلكترونية نموًا ملحوظًا حيث وصل حجمه إلى 4.6 مليار دولار في عام 2023، ليشكل حوالي 13% من إجمالي مبيعات التجزئة، مقارنة بـ 4% فقط في عام 2020.
ولعبت شركة “Kaspi.kz” دورًا محوريًا في هذا النمو، حيث تصدرت السوق بقيمتها السوقية التي تجاوزت 20 مليار دولار، وهي شركة تكنولوجية مدرجة في بورصة ناسداك. تسعى “Kaspi.kz” إلى التوسع دوليًا، بعد استحواذها على منصة التجارة الإلكترونية التركية “Hepsiburada”.
أما في أوزبكستان، التي تعد أكبر دول المنطقة من حيث عدد السكان، فقد بلغ حجم سوق التجارة الإلكترونية مليار دولار في 2023، ليشكل 4% من مبيعات التجزئة.
وتشهد منصة “Uzum” المحلية نموًا كبيرًا، حيث أصبحت أول “يونيكورن” تقني في البلاد هذا العام، ووسعت خدماتها لتشمل خيارات الشراء المتوافق مع الشريعة الإسلامية، مثل “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”، وهو أسلوب شراء يحظى بشعبية كبيرة في أوزبكستان بفضل انخفاض مستويات الدخل وحاجة السكان لتسهيلات مالية مرنة.
وفي قيرغيزستان، بلغ حجم سوق التجارة الإلكترونية 359 مليون دولار في 2023، ليشكل أكثر من 6% من إجمالي مبيعات التجزئة، بينما في طاجيكستان وتركمانستان، تظل التجارة الإلكترونية أقل تطورًا ولكن تحمل إمكانيات كبيرة للنمو في المستقبل القريب.
تعتبر منطقة آسيا الوسطى سوقًا واعدًا في التجارة الإلكترونية، ورغم أنها لا تزال بعيدة عن الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة والصين، حيث تمثل التجارة الإلكترونية 22% و27% من إجمالي مبيعات التجزئة على التوالي، إلا أن السوق في آسيا الوسطى يشهد تحولًا تدريجيًا مع نمو متوقع.
من بين الشركات الإقليمية التي تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال، تبرز شركة “وايلدبيري” الروسية التي تمتلك 75 مليون مستخدم نشط عبر ست دول. ويتميز “وايلدبيري” بتطوير بنيته التحتية اللوجستية بشكل كبير، حيث تدير 8 مرافق لوجستية في كازاخستان و1,600 نقطة استلام للطلبات.
كما تعمل على بناء مجمعين لوجستيين بمساحة 270,000 متر مربع في كازاخستان، بالإضافة إلى مجمع لوجستي بمساحة 150,000 متر مربع في أوزبكستان.
من المتوقع أن يواصل سوق التجارة الإلكترونية في آسيا الوسطى نموه بشكل سريع في السنوات القادمة، حيث يتوافر للسوق كافة المتطلبات الأساسية مثل السكان الشباب، وانتشار الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، والنمو الاقتصادي المتسارع.
كما تزداد المنافسة مع دخول المزيد من الشركات المحلية والدولية إلى السوق، مما يفتح المجال أمام فرص كبيرة في هذا القطاع.
تستعد المنطقة لتحقيق قفزة كبيرة في التجارة الإلكترونية لتواكب الدول المتقدمة، وهو ما يجعل المنافسة على هذه السوق أكثر شراسة بين اللاعبين المحليين والدوليين في المستقبل القريب.
تعليقات 0