ترامب يسعى لتأجيل النطق بالحكم في قضية “شراء الصمت” وسط مساعٍ لنقلها إلى المحكمة الفيدرالية

31 أغسطس 2024
الرئيس الأمريكي السابق ترامب
الرئيس الأمريكي السابق ترامب

يحاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تأجيل النطق بالحكم في قضية “شراء الصمت”، التي تتعلق بدفع أموال لممثلة الأفلام الإباحية السابقة ستورمي دانييلز، بحسب ما نقلته شبكة “إيه بي سي” الإخبارية الأمريكية.

في مذكرة قانونية مكونة من 60 صفحة، طالب محامو ترامب، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، المحكمة بإعادة النظر في طلبهم لنقل القضية من محكمة الولاية إلى المحكمة الفيدرالية قبل موعد النطق بالحكم المقرر في 18 سبتمبر المقبل.

في وقت سابق، أكد المدعون في نيويورك أنهم لن يعارضوا طلب ترامب بتأجيل النطق بالحكم، مما يترك القرار النهائي بيد القاضي، وفقًا لوكالة “فرانس برس”.

وفي رسالة للقاضي خوان ميرشان، أشار المدعون إلى أنهم “سيتركون للمحكمة تحديد الجدول الزمني المناسب لما بعد المحاكمة، بما يتيح الوقت للتعامل مع طلب الحصانة، مع الالتزام بعدم تأخير النطق بالحكم بدون أسباب منطقية”.

وكان من المقرر أن يصدر الحكم بحق ترامب في 11 يوليو الماضي، لكن تم تأجيله بعد قرار المحكمة العليا الذي أقرّ بتمتع الرئيس السابق بنوع من الحصانة من الملاحقة الجنائية.

ترامب يسعى لتأجيل النطق بالحكم في قضية "شراء الصمت" وسط مساعٍ لنقلها إلى المحكمة الفيدرالية
دونالد ترامب

حصانة ترامب

وفي يوليو، حسمت المحكمة العليا الأمريكية طلب ترامب، الحصول على الحصانة الكاملة من الملاحقة القضائية في القضية الجنائية التي تتعلق بجهوده لإلغاء خسارته في انتخابات عام 2020.

ورأت المحكمة أن الرؤساء السابقين لهم الحق في الحصانة المطلقة من الملاحقة القضائية بسبب الإجراءات التي تقع ضمن سلطتهم الدستورية، لكن لا يحق لهم التمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية بسبب الإجراءات المتخذة بصفتهم الشخصية.

على جانب آخر، أوضحت وكالة “بلومبرج” في تقرير، أمس الجمعة، أنه منذ أن فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية في مارس “كان يواجه اتهامات جنائية في أربع قضايا منفصلة”.

ومنذ ذلك الحين، أُدين الرئيس السابق في قضية واحدة، بتهمة تزوير السجلات التجارية، وهو الحكم الذي أصبح الآن مُعلَّقا بسبب حكم المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية.

وأثار حكم المحكمة تساؤلات بشأن جدوى ملاحقتين قضائيتين أخريين ضد ترامب، إحداهما أقامتها وزارة العدل والأخرى ولاية جورجيا، وكلاهما بتهمة التآمر لإلغاء خسارته في انتخابات عام 2020.

وأما القضية الرابعة، التي تنطوي على مزاعم بسوء التعامل مع وثائق سرية، فقد رفضتها قاضية فيدرالية في 15 يوليو، رغم أن وزارة العدل استأنفت القرار.

ووفقا لتقرير “بلومبرج”، فإن التقلبات القانونية تقلل من فرصة الانتهاء من أي من القضايا قبل تنصيب الرئيس الأمريكي القادم في يناير المقبل، لافتًا إلى أنه في حال فوز ترامب فإنه سوف يسعى إلى إسقاط أي قضايا متبقية ضده أو تأجيلها.

وكان الادعاء العام الأمريكي قدم، الثلاثاء الماضي، لائحة اتهام معدَّلة ضد ترامب، في قضية محاولته قلب نتائج الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها الرئيس الحالي جو بايدن في عام 2020.

قاعدة الـ60 يومًا

وجاء الإعلان عن اللائحة قبل عشرة أيام فقط من تطبيق “قاعدة الـ60 يومًا” التي تتبعها وزارة العدل، التي يفترض أن تمنع تقديم أي اتهامات جديدة ضد الرئيس السابق والمرشح الرئاسي الحالي.

وكان المحقق الخاص في قضية الوثائق السرية، جاك سميث، أشار إلى هذه القاعدة في مارس الماضي، عندما أبلغ قاضية فيدرالية أن محاكمة ترامب في الأيام التي تسبق الانتخابات الرئاسية لعام 2024 لن تنتهك سياسة وزارة العدل.

وفي ذلك الوقت، ضغطت القاضية الفيدرالية المشرفة على قضية ترامب، إيلين كانون، بشكل خاص على المستشار الخاص المساعد جاي برات، بشأن ما إذا كان عرض قضية وزارة العدل على هيئة محلفين في وقت متأخر من سبتمبر أو أكتوبر من شأنه أن ينتهك القاعدة.

وشرحت صحيفة “نيويورك تايمز” القاعدة بشكل مبسط بأنها ممارسة غير مكتوبة بموجبها يتجنب المدعون العامون فتح تحقيقات تتعلق بمرشحين عند اقتراب موعد الانتخابات، خشية أن تؤثر على عملية التصويت، إذ تكمن الفكرة الرئيسية وراء تلك القاعدة بتجنب إساءة استخدام سلطة إنفاذ القانون للتأثير على الديمقراطية.

وفي يوليو الماضي، أسقطت القاضية إيلين كانون، القضية الجنائية التي تتهم ترامب، بالاحتفاظ بشكل غير قانوني بوثائق سرية، على أساس أن تعيين وتمويل المحقق الخاص جاك سميث، تم بشكل “غير قانوني”.

وفي أول تعليق له على القرار، كتب ترامب حينها على منصة “تروث” أن “إسقاط قضية الاتهام غير المشروع في فلوريدا يجب أن يكون الخطوة الأولى، على أن يتبعها سريعًا إسقاط كل الدعاوى بحقه”.

وفي حالة إدانة ترامب في قضية فيدرالية قبل يوم تنصيبه، وهو أمر غير مرجح، فيمكنه استئناف الحكم، وبصفته رئيسًا، يستطيع أن يأمر المدعي العام بعدم الرد على الاستئناف. وفي مثل هذه الحالة، سيتم رفض القضية، وفقًا لأستاذ كلية الحقوق بجامعة بوسطن، جيد شوجيرمان، الذي تركز أبحاثه على السلطة التنفيذية والنيابة العامة.

العفو الرئاسي

ولا يملك الرئيس الأمريكي سيطرة مباشرة على المدعين العامين في الولايات مثل أولئك في جورجيا، والذين اتهموا ترامب بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020.

وفي حين لا يستطيع ترامب في حال إعادة انتخابه أن يأمر المدعي العام بإسقاط القضايا في محاكم ولاية، فإنه يستطيع أن يطلب من وزارة العدل أن تطلب من القاضي تعليق الإجراءات أثناء وجوده في منصبه، وإذا رفض القاضي يمكن لوزارة العدل أن تقدم استئنافات للمحكمة العليا.

ولا ينطبق هذا على الإدانات بتهم على مستوى الولاية، فالسلطة الدستورية للرئيس بشأن “منح الإعفاءات والعفو عن الجرائم ضد الولايات المتحدة” تنطبق فقط على الجرائم الفيدرالية.

وتتمتع حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوشول، بسلطة منح العفو في القضية المرفوعة في ولايتها، لكنها ليست من محبي ترامب، كما يرى تقرير وكالة “بلومبرج”.

وأما في جورجيا، فيصدر العفو عن مجلس الولاية، ولكن لا يمكن للمتقدمين أن يطلبوا العفو إلا بعد خمس سنوات من إكمال عقوبة السجن.

ويختلف خبراء القانون في ما إذا كان الرئيس الأمريكي يستطيع العفو عن نفسه في حالة الملاحقات القضائية الفيدرالية، إذ لم يجرب أي رئيس ذلك الأمر.

سيناريو “ووتر جيت

ويشير بعض الخبراء إلى النصيحة التي قدمها مكتب المستشار القانوني للرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، في عام 1974 فيما يتعلق بفضيحة ووتر جيت، أنه و”بموجب القاعدة الأساسية التي تنص على أنه لا يجوز لأحد أن يكون قاضيًا في قضيته الخاصة، لا يمكن للرئيس أن يعفو عن نفسه”.

وكان نيكسون استقال من منصبه، في التاسع من أغسطس عام 1974، بسبب فضيحة “ووتر جيت”، وأصدر الرئيس الجديد جيرالد فورد، عفوًا عنه.

وإذا حُكم على ترامب بالسجن في قضية ولاية، فمن المرجح أن تقدم وزارة العدل اقتراحًا قانونيًا تحاجج فيه أنه من غير المناسب وغير الدستوري سجن رئيس في منصبه.

وتستند تلك الحجة إلى ما يسمى بند السيادة في الدستور، والذي يحظر على الولايات التدخل في ممارسة الحكومة الفيدرالية لسلطاتها الدستورية.

وفي حال رفض القاضي تأجيل عقوبة السجن، فيمكن لوزارة العدل أن تسعى إلى نقل القضية إلى المحكمة الفيدرالية ورفضها.