مدير عام “الصحة العالمية” في رسالة هامة : لابد من اتفاق عالمي بشأن الجوائح (تفاصيل)
نشرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها، الكلمة الرئيسية للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في الجلسة العامة للدورة 148 للاتحاد البرلماني الدولي، “الدبلوماسية البرلمانية: بناءُ جسورٍ من أجل السلام والتفاهم”، حيث قال إنه وبصفته برلمانيًا ووزيرًا إثيوبيًا سابقًا، فقد رأى بنفسه سُلطة البرلمانات في سَنِّ القوانين واللوائح وتخصيص الميزانيات التي تُحدِث فرقًا حقيقيًا للناس الذين نخدمهم جميعًا.
وأضاف أنه في عام 1948، أي قبل 76 عامًا تقريبًا، اتَفَقَت دول العالم على صكٍ أساسيٍّ من صكوك القانون الدولي أحدث فرقًا كبيرًا في الصحة العالمية، ألا وهو دستور منظمة الصحة العالمية، وقد كان دستور المنظمة أول وثيقة مُلزمة قانونًا تؤكِّد حق الجميع في الصحة دون تمييز، وهذا الحقُ غايةٌ في حد ذاتهـ كما يذهب ذلك الدستور إلى أبعد من ذلك فَيَنُصُّ على أن الصحة عاملٌ أساسيٌّ لتحقيق السلام والأمن.
كما لفت إلى أن واضعو دستور منظمة الصحة العالمية، أدركوا الصلة الوثيقة بين الصحة والسلام؛ وهي صلة لا تزال أكثر أهمية من أي وقت مضى في عالمنا المضطرب اليوم، وبطبيعة الحال، لا يمكن لأي بلدٍ بمفرده أو وكالةٍ بمفردها تحقيق الصحة أو السلام. فالأمرُ يتطلب شَرَاكاتٍ قويةٍ، مثل الشراكة القائمة بين منظمة الصحة العالمية والاتحاد البرلماني الدولي.
كما أكد على أن منظمة الصحة العالمية تقدر شراكتها مع الاتحاد البرلماني الدولي تقديرًا كبيرًا، إذ نَعُدُّها عنصرًا أساسيًا لترجمة الالتزامات والسياسات السياسية إلى إجراءات للنهوض بالحق في الصحة وبالأُسُسِ التي يقوم عليها السلام، وفي عام 2018، وَقَّعَت منظمة الصحة العالمية والاتحاد البرلماني الدولي مذكرة تفاهم ألزمتنا بالعمل معًا بشأن عدة قضايا رئيسية، منها التغطية الصحية الشاملة، والأمن الصحي العالمي، وصحة النساء والأطفال والمراهقين.
وفي العام التالي، اعتمدت جمعية الاتحاد البرلماني الدولي قرارًا بشأن تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030، في بلغراد، وتم إعداد عدة أدوات، منها كتيبات عن التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي العالمي، ودورة تدريبية عبر الإنترنت عن استخدام الضرائب، كما تم تنفيذ أنشطةً مشتركةً لإشراك البرلمانيين في تنفيذ التغطية الصحية الشاملة، وتعزيز الأمن الصحي العالمي، والنهوض بصحة النساء والأطفال والمراهقين.
واستنادًا إلى تلك التجربة، تتضح الحاجة إلى بذل مزيدٍ من الجهد، لافتًا إلى توقيع مذكرة تفاهم جديدة لتجديد التعاون بين المنظمتين على مدى السنوات الخمس المقبلة، حيث يلزم هذا الاتفاق بالعمل معًا في أربعة مجالات تأتي على النحو التالي:
– التغطيرلا ة الصحية الشاملة؛ والأمن الصحي العالمي؛ وتعزيز الصحة؛ والحد من أوجُهِ الإجحاف في مجال الصحة، لا سيّما فيما يتعلق بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.
– كما قررنا إضافة ثلاثة مجالاتِ عملٍ شاملةٍ، منها حشد الدعم البرلماني من أجل التمويل المستدام لمنظمة الصحة العالمية؛ والاتفاق بشأن الجوائح؛ وعملنا بشأن تغير المناخ.
– إضافةً إلى ذلك، سيتم إنشاء فريقَ تنسيقٍ مشتركٍ لتناول قضية صحة المهاجرين واللاجئين.
وأضاف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أنه من المقرر أن تنظر الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في اتفاقٍ جديدٍ مُلزمٍ قانونًا بشأن الوقاية من الجوائح والتأهُّب والاستجابة لها، حيث لا يمكن نسيان الدروس المؤلمة التي علمتنا إياها الجائحة، والآثار التي خَلَّفَتها، ومنها فَقَدَ أكثرُ من 7 ملايين شخص حياتهم بسبب فيروس كوفيد-19، وهذه ليست سوى الوفيات المُبلَغ عنه، رغم أن الرقم الحقيقي أعلى بكثير.
كما تسببت الجائحة، في اضطرابات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة.
ويهدف الاتفاق بشأن الجوائح إلى معالجة الثغرات والتحديات التي تواجهها جميع البلدان، وضمان تحسين تأهّبنا لمواجهة الجوائح في المستقبل، وسيكون هذا الاتفاق الجديد إحدى أدوات القانون الدولي، على غرار العديد من الاتفاقات والمعاهدات الأخرى التي اتفقت عليها الدول، مثل اتفاقيات جنيف؛ ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؛ واتفاق باريس بشأن تغير المناخ؛ وما إلى ذلك.
إلا أن هناك عقبتان رئيسيتان في الوقت الحالي أمام الوفاء بالموعد النهائي لاعتماد الاتفاق بشأن الجوائح، تتمثل العقبة الأولى في مجموعة من المسائل التي لم تتوصل البلدان بَعدُ إلى توافقٍ في الآراء بشأنها، فالبلدانُ تُحرز تقدمًا في هذا الأمر، ولكن لا تزال هناك جوانب اختلافٍ تحتاج إلى مزيدٍ من التفاوض.
وليس من بين تلك الجوانب ما يمكن أن نعده مستعصيًا، فإذا أصغت البلدان إلى شواغل بعضها البعض، فإنني على ثقةٍ من أنها تستطيع أن تجد أرضيةً مشتركةً ونهجًا مشتركًا.
أما العقبة الرئيسية الثانية فتتمثل في سيل الأكاذيب ونظريات المؤامرة حول الاتفاق، أي الزعم بأن الأمر ينطوي على استيلاءٍ من جانب منظمة الصحة العالمية على السلطة سيترتب عليه تنازلٌ عن السيادة الوطنية لصالح المنظمة ويمنحها سلطة فرض حالات الإغلاق أو الإلزام بتلقي اللقاحات على البلدان، مؤكدًا أنه لن يترتب على الاتفاق بشأن الجوائح مَنحِ منظمة الصحة العالمية أي سلطة لإملاء سياساتٍ على أي بلد، حيث ينص الاتفاق على عكس ذلك تمامًا.
ووفقًا لفقرة 3 من المادة 24 من النص المُتفاوَض عليه لاتفاق الجائحة: «لم يَرِدْ في اتفاق منظمة الصحة العالمية بشأن الجوائح ما يمكن تفسيره على أنه يمنح أمانة المنظمة، بما في ذلك المدير العام للمنظمة، أي سلطة لتوجيه القوانين أو السياسات المحلية لأي طرف أو إصدار أوامر بشأنها أو تعديلها أو فرضها على نحوٍ آخر، أو إلزام الأطراف باتخاذ إجراءاتٍ محددةٍ أو فرضها على نحوٍ آخر، مثل منع المسافرين أو قبولهم، أو فرض إلزامٍ بالتطعيم أو تدابير علاجية أو تشخيصية، أو تنفيذ حالات إغلاق».
تعليقات 0