حرائق الغابات في الولايات المتحدة 2025.. خسائر تاريخية في 5 قطاعات تعصف بالاقتصاد الأمريكي والعالمي
شهدت الولايات المتحدة في يناير 2025 كارثة بيئية غير مسبوقة تمثلت في حرائق غابات واسعة النطاق اجتاحت ولايات كبرى مثل كاليفورنيا ونيويورك وشيكاغو.
هذه الحرائق لم تقتصر أضرارها على تدمير آلاف المنازل والغابات، بل أحدثت هزة عميقة في الاقتصاد الأمريكي والعالمي، مع خسائر تُقدّر بأكثر من 150 مليار دولار في الأضرار المباشرة، إلى جانب تأثيرات غير مباشرة رفعت التكلفة الإجمالية إلى ما يزيد عن 275 مليار دولار.
تُعد هذه الحرائق بمثابة تحذير صارخ من تأثيرات التغير المناخي والكوارث البيئية على استقرار الاقتصادات المحلية والعالمية. فمع تقدير الخسائر الإجمالية بما يتجاوز 275 مليار دولار، تبقى هذه الأزمة علامة فارقة في تاريخ الكوارث الطبيعية في الولايات المتحدة، ليس فقط من حيث الدمار البيئي، ولكن أيضًا من حيث التداعيات الاقتصادية التي طالت قطاعات حيوية مختلفة.
أخبار تهمك
خسائر اقتصادية تتجاوز التوقعات
الأضرار المباشرة
أعلنت مؤسسة “أكيوويذر” أن الخسائر المباشرة للحرائق تتراوح بين 135 إلى 150 مليار دولار، مما يجعلها الكارثة الطبيعية الأكثر تكلفة في تاريخ البلاد. وشملت الأضرار المباشرة تدمير آلاف المنازل والمرافق العامة والخاصة، بالإضافة إلى إتلاف مساحات شاسعة من الغابات والمنتزهات الوطنية، التي تُعد مصدرًا مهمًا للسياحة والدخل القومي.
تكاليف الإخماد ترتفع بشكل قياسي
لم تقتصر الخسائر على الأضرار المباشرة، حيث قُدرت تكلفة عمليات إخماد الحرائق وحدها بأكثر من 8 مليارات دولار، وهو مبلغ يفوق بكثير ما أنفقته الولايات المتحدة في الأعوام السابقة لمواجهة حرائق الغابات.
أزمة في قطاع التأمين
واجهت شركات التأمين الأمريكية أزمة غير مسبوقة بسبب حجم التعويضات المطلوب دفعها للمتضررين، حيث بلغت خسائر هذا القطاع أكثر من 20 مليار دولار. وانخفضت أسهم شركات كبرى، مثل “ميركوري جنرال”، بنسبة 22%، فيما سجلت شركات أخرى مثل “ترافيلرز” و”أولستيت” تراجعات كبيرة في أسواق الأسهم.
تأثير على الناتج المحلي الإجمالي
بحسب التقديرات الأولية، فإن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي قد يشهد تراجعًا يتراوح بين 2% و4% نتيجة لهذه الكارثة، مع خسائر اقتصادية سنوية تصل إلى 893 مليار دولار.
أضرار واسعة للبنية التحتية
امتدت النيران لتدمر حوالي 12 ألف مبنى سكني وتجاري، فضلًا عن تدمير أكثر من 40,000 فدان من الغابات والمزارع، مما تسبب في تعطيل الأنشطة الاقتصادية في مناطق واسعة.
تراجع السياحة
تُعد كاليفورنيا واحدة من الوجهات السياحية الرائدة في الولايات المتحدة، حيث استقبلت في العام الماضي نحو 18 مليون سائح دولي. ومع تدمير معالم سياحية شهيرة، مثل متنزه يوسمايت وهوليوود، تتوقع شركات السياحة انخفاضًا كبيرًا في أعداد الزوار، مما سيؤثر سلبًا على إيرادات القطاع السياحي.
تداعيات عالمية واسعة النطاق
اضطراب أسواق النفط
تضررت مصافي النفط في كاليفورنيا، التي تُنتج نحو 1.6 مليون برميل يوميًا، مما أدى إلى زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية. ومع تزايد الطلب على النفط خلال فصل الشتاء، تواجه الأسواق أزمة محتملة في الإمدادات.
أثر التضخم العالمي
مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة الأضرار الواسعة في الولايات المتحدة، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تشهد الأسواق العالمية موجات تضخم، تؤثر بشكل مباشر على الدول النامية التي تعتمد على الواردات الأمريكية.
التأثير على السياسات النقدية
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن حزمة إغاثة ضخمة لدعم الولايات المتضررة، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتوقع. ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد من الضغوط الاقتصادية على دول العالم الأخرى، خاصة التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي.
انعكاسات بيئية عميقة
بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية، تسبب الدخان الكثيف الناتج عن هذه الحرائق في تلويث الهواء في مناطق واسعة من الولايات المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية بين السكان. كما أثرت الحرائق بشكل كبير على الحياة البرية، حيث فقدت مئات الأنواع من الحيوانات موائلها الطبيعية، مما يهدد بتراجع التنوع البيولوجي في المناطق المتضررة.
إجراءات حكومية لمواجهة الأزمة
أعلنت الحكومة الأمريكية عن تخصيص ميزانية طارئة لمواجهة آثار الكارثة، تضمنت تعزيز فرق الإطفاء وتوفير مأوى للمتضررين. كما بدأت وزارة الزراعة برامج لإعادة تشجير المناطق المتضررة، في محاولة لتخفيف التأثيرات البيئية طويلة الأجل.
رسالة تحذير للعالم
تعتبر حرائق الغابات في أمريكا لعام 2025 دليلًا على التحديات التي يفرضها التغير المناخي على الدول كافة. ومع تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية، أصبحت الحاجة إلى تبني سياسات مستدامة لمكافحة التغير المناخي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
في النهاية، تُبرز هذه الكارثة أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية، إذ إن تأثيراتها لا تقتصر على الولايات المتحدة وحدها، بل تمتد إلى مختلف أرجاء العالم، مهددة استقرار الأسواق واقتصادات الدول النامية على وجه الخصوص.
تعليقات 0