3 فبراير 2025 00:49
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

إسرائيل تدشن قواعد عسكرية دائمة في سوريا.. الاحتلال يحكم قبضته على موارد المياه في جنوب سوريا

يشهد الشريط الحدودي بين سوريا وإسرائيل تصعيدًا غير مسبوق، حيث أفادت تقارير موثوقة بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ في إنشاء قواعد عسكرية دائمة داخل الأراضي السورية، في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسته تجاه المنطقة.

وأكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن القوات الإسرائيلية شرعت في بناء مواقع عسكرية في المناطق التي توغلت فيها عقب انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الوجود الإسرائيلي في سوريا وأبعاده العسكرية والسياسية.

ووفقًا للتقارير، فإن جيش الاحتلال اجتاح سلسلة من القرى السورية الشهر الماضي، مؤكداً للسكان المحليين أن وجوده سيكون مؤقتًا، وأن العمليات العسكرية تهدف فقط إلى مصادرة الأسلحة وتأمين المنطقة بعد انهيار النظام السوري السابق، إلا أن إنشاء بنية تحتية عسكرية متكاملة، تشمل قواعد ومواقع مراقبة متطورة، يعكس نية الاحتلال في جعل وجوده طويل الأمد، الأمر الذي يتناقض مع التصريحات الرسمية الإسرائيلية.

دلائل ميدانية على نية إسرائيل التوسع في الأراضي السورية
تُظهر صور الأقمار الصناعية الحديثة بناء منشآت عسكرية إسرائيلية داخل الأراضي السورية، قرب هضبة الجولان المحتلة، حيث تم رصد سبع منشآت عسكرية في قاعدة واحدة في “جباتا الخشب”، إلى جانب قاعدة أخرى على بعد 5 أميال جنوبًا، كما تم ربط هذه القواعد بطرق ترابية تؤمن سهولة التنقل بين المواقع العسكرية الجديدة.

أخبار تهمك

الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة يكثفوا اتصالاتهم للبدء في مفاوضات المرحلة الثانية - 1 - سيناء الإخبارية

الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة يكثفوا اتصالاتهم للبدء في مفاوضات المرحلة الثانية

بوابة معبر رفح تعكس أصالة الدور المصري ودعمه المستمر للقضية الفلسطينية - 3 - سيناء الإخبارية

بوابة معبر رفح تعكس أصالة الدور المصري ودعمه المستمر للقضية الفلسطينية

وما يزيد من الشكوك حول أهداف إسرائيل بعيدة المدى هو الشروع في بناء قاعدة عسكرية ثالثة، حيث تمت ملاحظة أعمال تطهير للأراضي وتجهيز لمعدات البناء في المنطقة، ما يشير إلى نية الاحتلال توسيع نطاق وجوده العسكري داخل سوريا بشكل تدريجي ومدروس.

إسرائيل تدشن قواعد عسكرية دائمة في سوريا.. الاحتلال يحكم قبضته على موارد المياه في جنوب سوريا - 5 - سيناء الإخبارية

التداعيات الجيوسياسية والأمنية لهذا التوسع العسكري
يرى محللون عسكريون أن القواعد العسكرية الجديدة تعكس استراتيجية إسرائيلية تستهدف تعزيز سيطرتها على نقاط المراقبة الاستراتيجية والطرق الرئيسية في المنطقة، بما يضمن لها نفوذًا أوسع داخل العمق السوري.

ووفقًا لمحلل الصور في موقع “كونتراستد جراوند”، وليام جودهيند، فإن القاعدتين الجديدتين داخل الأراضي السورية تتشابه بنيتهما مع المواقع العسكرية الموجودة في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان، مما يدل على أن الاحتلال لا ينوي مغادرة هذه المناطق، بل يعمل على تثبيت وجوده فيها بشكل دائم.

كما أن التحركات الإسرائيلية لا تقتصر على المنطقة الشمالية من الجولان، حيث تم رصد إنشاء طريق عسكري جديد على بعد 10 أميال جنوب مدينة القنيطرة، وهو ما يُعتقد أنه تمهيد لإقامة نقطة مراقبة جديدة بالقرب من قرية كودنة، مما يعزز من قدرة الاحتلال على التحكم في المناطق الحدودية السورية، ويفرض واقعًا عسكريًا جديدًا قد يكون من الصعب تغييره مستقبلاً.

تصاعد التوترات بين قوات الاحتلال والسكان المحليين
أدت التحركات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية إلى تصاعد التوترات بين قوات الاحتلال والسكان المحليين، حيث أفادت مصادر ميدانية بأن الجيش الإسرائيلي أقام نقاط تفتيش متحركة وأغلق طرقًا رئيسية في المنطقة، ما تسبب في تعطيل حركة الأهالي وزيادة الاحتكاكات بين الطرفين.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن أحد السكان المحليين، محمد مريود، رئيس بلدية جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة، قوله: “إنهم يبنون قواعد عسكرية، كيف يكون هذا مؤقتًا؟!”، مضيفًا أن القوات الإسرائيلية دمرت الأشجار والمحميات الطبيعية في المنطقة، مما يشير إلى نية الاحتلال البقاء لفترة طويلة، وليس مجرد وجود عسكري عابر.

فيما أكد بلال سليمان، رئيس بلدية “مدينة السلام” في القنيطرة، أن الشعب السوري لن يسمح بتكرار سيناريو احتلال الجولان مرة أخرى، مشيرًا إلى أن محاولات الاحتلال لفرض سياسة الأمر الواقع لن تمر بسهولة، وأن السكان المحليين سيقاومون أي محاولات تهدف إلى تهجيرهم أو السيطرة على مناطقهم.

إسرائيل تدشن قواعد عسكرية دائمة في سوريا.. الاحتلال يحكم قبضته على موارد المياه في جنوب سوريا - 7 - سيناء الإخبارية

مخاوف متزايدة من استهداف الموارد الطبيعية والمائية
بالإضافة إلى السيطرة على الأراضي، تزايدت المخاوف بشأن تأثير التحركات الإسرائيلية على الموارد الطبيعية في جنوب سوريا، حيث تشمل المنطقة العازلة سدًا مائيًا حيويًا يوفر المياه لمساحات واسعة من الجنوب السوري.

وعلى الرغم من نفي جيش الاحتلال سيطرته على هذا السد، إلا أن السكان المحليين يؤكدون أن القواعد العسكرية الجديدة تُعيق وصولهم إلى مناطق الرعي، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الأعلاف وزيادة معاناتهم الاقتصادية.

وصرّح بدور حسن، أحد سكان قرية سمدنية الغربية: “باتت قوات الجيش الإسرائيلي تجوب المنطقة ليلًا دون أضواء، وهذا أمر مخيف. نحن نشعر أننا نعيش تحت مراقبة دائمة، وكأن الاحتلال يسعى إلى إحكام قبضته على كل شيء هنا.”

انتهاك صريح لاتفاقيات وقف إطلاق النار
يُمثل التحرك العسكري الإسرائيلي انتهاكًا واضحًا لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل، والتي تنص على إبقاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح وخاضعة لمراقبة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. غير أن إسرائيل ادعت، عقب انهيار نظام الأسد، أن الاتفاق أصبح “لاغيًا”، مما منحها ذريعة للتوغل داخل الأراضي السورية، وفرض واقع جديد من خلال بناء قواعد عسكرية دائمة.

وبعد ساعات فقط من سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، اجتازت الدبابات والقوات الإسرائيلية “خط ألفا”، الذي يُعد الحدود الفاصلة وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار منذ نصف قرن، حيث دخلت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة بعمق غير مسبوق، وحتى إلى ما وراءها في بعض المناطق، وفقًا لمصادر محلية وتقارير دولية.

إسرائيل تعيد سيناريو الجولان وتفرض سياسة الأمر الواقع
منذ احتلال إسرائيل لهضبة الجولان عام 1967، ومن ثم إعلان ضمها رسميًا عام 1981 في خطوة رفضها المجتمع الدولي، تحاول إسرائيل فرض سياسة الأمر الواقع في أي مناطق تتوغل فيها.

واليوم، يبدو أن الاحتلال يسعى لتكرار السيناريو ذاته داخل الأراضي السورية، خاصة في المناطق الحدودية القريبة من الجولان، حيث يوفر موقعها أهمية استراتيجية لإسرائيل، سواء على المستوى الأمني أو المائي.

وتُعد مرتفعات الجولان مصدرًا حيويًا للمياه في إسرائيل، حيث تغذي بحر الجليل ونهر الأردن. وبالنظر إلى أن المنطقة العازلة تضم سدودًا مائية هامة، فإن إسرائيل قد تكون بصدد وضع يدها على هذه الموارد، ما قد يفاقم الأوضاع المعيشية في سوريا، التي تعاني أصلًا من أزمة اقتصادية خانقة بسبب الحرب والصراعات الداخلية.

إسرائيل تدشن قواعد عسكرية دائمة في سوريا.. الاحتلال يحكم قبضته على موارد المياه في جنوب سوريا - 9 - سيناء الإخبارية
المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي
مع تزايد التقارير حول بناء قواعد عسكرية دائمة، فإن المجتمع الدولي يواجه اختبارًا حقيقيًا في مدى قدرته على لجم التحركات الإسرائيلية، ومنعها من ترسيخ وجودها العسكري داخل الأراضي السورية.

فاستمرار هذا التوسع قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، ليس فقط على الوضع الأمني في سوريا، بل على الاستقرار في المنطقة برمتها، خاصة مع تزايد احتمالات اندلاع مواجهة جديدة بين إسرائيل والفصائل المسلحة المدعومة من إيران داخل سوريا.

وبينما تصر إسرائيل على أن وجودها في المناطق السورية التي توغلت فيها هو “مؤقت”، إلا أن الحقائق على الأرض تشير إلى سيناريو مختلف تمامًا، حيث تعمل تل أبيب على تغيير الواقع الجغرافي والعسكري لصالحها، في خطوة قد تفتح الباب أمام تصعيد أوسع في المستقبل القريب.