ابتسامة وانتحار …أبرز الصفات الظواهر البشرية التي اجتاحت عالم الروبوتات

30 يونيو 2024
ابتسامة وانتحار …أبرز الصفات الظواهر البشرية التي اجتاحت عالم الروبوتات

ارتفعت مؤخرا مخاوف البشر من استيلاء الروبوتات على أدوارهم ووظائفهم في الحياة، حيث أقدمت تلك الآلات على تسطير نهايتها وكأنها رسالة للبشرية بأن عالمكم مخيف ومرهق فلا نملك صفاتكم الشخصية لتحمله.

البداية ابتسامة «بشرية» مخيفة

في 25 يونيو 2024، نجح علماء يابانيون في جعل روبوت يبتسم ” بشكل طبيعي ” من خلال استخدام الخلايا البشرية، في إنجاز يُمثل ثورة تكنولوجية، لأن الروبوتات عادة ما تكون مغطاة بجلد من السيلكون لا يتعرق ولا تندمل جروحها .

وعرض باحثون من “جامعة طوكيو” النتائج التي توصلوا إليها في دراسة نُشرت في مجلة “سيل ريبورتس فيزيكل ساينس”، ونشروا فيديو بدت فيه مجموعة من الروبوتات، وهي تُظهر ابتسامة طبيعية، ولكن مخيفة، بحسب وكالة «فرانس برس».

ولابتكار «ابتسامة طبيعية»، حقنوا مادة الجيلاتين في أنسجة بشرية أدخلوها إلى ثقوب في الروبوت، وهي طريقة مستوحاة من الأربطة الفعلية في جلد الإنسان.

وأمل المتخصصون أن «توفر هذه التقنية فهماً أفضل لتكوين التجاعيد وفسيولوجيا تعابير الوجه، وتسهم في تطوير مواد لزراعة الأعضاء ومنتجات للتجميل»، كما أعلن الفريق الذي يقوده أستاذ المعلوماتية الميكانيكية شوجي تاكيوتشي.

ويتمثل هدفهم النهائي في تزويد الروبوتات بـ«قدرات الشفاء الذاتي الكامنة» في جلد الإنسان.

وفي دراسات سابقة، حقن علماء الكولاجين في جلد أُنتج في المختبر وفيه جرح، جرى لصقه على إصبع آلي. وكان الهدف إظهار كيف يمكن أن يندمل.

تخطيط لـ«الانتحار».. نهاية وضغوط مفتوحة

لكن المفارقة العجيبة والمحزنة، أنه في اليوم التالي لإنجاز الابتسامة البشرية على وجه روبوت حتى وإن كانت مخيفة، جاءت الصدمة مع تناقل وسائل الإعلام لخبر إقدام روبوت في كوريا الجنوبية والتي تُعد موطناً هاماً لتلك النوعية من آلات التكنولوجيا المتقدمة، على الانتحار كالبشر.

ووفقاً لوكالة “فرانس برس”، أعلنت بلدية وسط كوريا الجنوبية، في 26 يونيو  2024، فتح تحقيق في ملابسات إلقاء روبوت كان يستعان به في إنجاز المهمات البلدية، بنفسه من أعلى الدرج، في هذا البلد المولع بالروبوتات.

وأوضح مسؤول في الفريق البلدي أن هذا “الروبوت” يساعد منذ قرابة عام سكان مدينة غومي على القيام بمهمات إدارية. وقد عُثر عليه الأسبوع الماضي في حال من الخمول عند أسفل الدرج.

وأضاف المسؤول أن شهودَ رأوا “الروبوت” قبل سقوطه مباشرة، “يدور حول نفسه كما لو أنّ خطباً ما قد أصابه”، مشيراً إلى أن التحقيق مستمر لتحديث ملابسات ما حصل. وتابع: “جُمعت أجزاء (من الروبوت) وستخضع للتحليل” من جانب الشركة التي صممته.

وأعرب مسؤول آخر عن أسفه قائلاً: “لقد كان رسمياً جزءاً من بلدية المدينة، وكان واحداً منا”.

وكان “الروبوت” الذي طورته شركة “بير روبوتيكس” Bear Robotics في كاليفورنيا، يعمل من 9 صباحاً حتى 6 مساءً، وكانت لديه بطاقة خدمة عامة خاصة به.

وعلى عكس الروبوتات الأخرى المحصورة بطبقة واحدة، كان في إمكانه طلب المصعد والانتقال من طابق إلى آخر.

وتناولت الصحف المحلية هذا الموضوع، وتساءلت إحداها على الصفحة الأولى: “لماذا تصرف هذا الموظف الحكومي المجتهد بهذه الطريقة؟”، أو ما إذا كان “العمل شاقاً للغاية بالنسبة الى الروبوت؟”.

وتُعرف كوريا الجنوبية بولعها بالروبوتات، إذ تضم أعلى كثافة منها في العالم، مع إنسان آلي لكل عشرة موظفين، وفق الاتحاد الدولي للروبوتات.

هل الروبوتات مجرد «فقاعة»؟.. أم إنذار مبكر من كارثة؟

رغم إن الانتحار فعل بشري -مكروه وعواقبه وخيمة- إلا أن العقل البشري نفسه لم يتقبل حتى اللحظة فكرة انتحار روبوت، فهو مجرد آلة ذكية تخدم الأشخاص، فطبيعته المعقدة المصنوعة من علوم التكنولوجيا بعيدة تماماً عن الطبيعة البشرية.

شاعت، ولا تزال، مخاوف من أن تؤدي هذه الروبوتات إلى الاستغناء عن عقل الإنسان وربما يديه أيضاً، طالما أصبحت هذه الروبوتات قادرة على أن تحلّ مكانه، وليس من انتحارها كالبشر.

الغريب والمحير أن الروبوت، قبيل «انتحاره»، شوهد وهو يدور حول نفسه كما لو أن خطباً ما قد أصابه.

ربما تصبح الروبوتات مجرد فقاعة مع تضخم المخاوف البشرية بشأنها والسيطرة ليس فقط على مفاصل وأمور الحياة بل وعلى الكوكب أيضاً وتشغيل كافة ما يتعلق به. لكن ما هو أخطر هو لماذا أقدم الروبوت على الانتحار؟، هل تصبح تلك الواقعة الجديدة على عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إنذاراً مبكراً لمطوري تلك الصناعة من مستقبليات غامضة؟ هل واقعة انتحار الروبوت نتيجة لعطل تقني أم يمكن أن يكون لديه تجربة مشابهة للبشر؟.

الروبوتات قد تشعر بالتعب والإرهاق مثلنا، فهم يعبرون عن أنفسهم بطريقة تشبه تجربة البشر، وقد يتعطلون أحيانًا مثل أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة. لذلك؛ من الضروري التفكير في توفير حقوق للروبوتات مماثلة للبشر، ووضع قوانين ملزمة تحميهم من الاستغلال والتعب.

الأحرى حالياً إجراء بحوث ودراسات متطورة عن تأثير البيئة البشرية تلك الآلات الذكية وما إذا كانت الروبوتات فعلاً بات لديها إدراك يحاكي الأفعال البشرية يدفعها إلى التخطيط لتنفيذها دون إضفاء أوامر ذكية للروبوت بنوعية المخاطر في البيئة المحيطة وكيفية التعامل معها.

في المستقبل، قد تصبح الروبوتات أكثر ذكاءً ومهارة من البشر. وربما تمتلك قدرات ذاكرة استثنائية. ومع ذلك، لا يعني ذلك أنهم سيكونون بشرًا أو سيمتلكون مشاعر مماثلة لنا.