الانتخابات الأمريكية 2024.. انقسامات داخلية بين “السراب الأحمر” و”التحول الأزرق” تعيد ذكريات 2020
الانتخابات الأمريكية 2024، يشهد الشارع الأمريكي والعالم حالة غير مسبوقة من الترقب لـ الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي انطلقت اليوم الثلاثاء، في سباق مشحون يجمع بين مرشح جمهوري محافظ ومرشحة ديمقراطية تقدمية، وقد تكون نتيجته محطة تاريخية فاصلة للولايات المتحدة.
فالمنافسة الحادة بين المرشحين والجدل السياسي المحتدم يضعان العملية الانتخابية في قلب اهتمام الرأي العام، محليًا ودوليًا، وسط تحذيرات من تأخر إعلان النتائج النهائية بفعل عوامل متعددة قد تزيد من تعقيد المشهد الانتخابي.
في قلب هذا الترقب، حذر خبراء في الانتخابات الأمريكية من تأثير ظاهرتين بارزتين، هما “السراب الأحمر” و”التحول الأزرق”، على عملية احتساب الأصوات وإعلان النتائج النهائية. هذه الظاهرتان تجسدان نمطين انتخابيين جديدين في السياسة الأمريكية، أصبحا موضع جدل واسع خلال الانتخابات الأخيرة، ويُتوقع أن يلعبا دوراً محوريًا في انتخابات اليوم.
“السراب الأحمر”: تقدم الجمهوريين المؤقت
تشير ظاهرة “السراب الأحمر” إلى تقدم مؤقت للجمهوريين في النتائج الأولية ليل يوم الانتخابات، نتيجة التصويت الشخصي الذي يميل إليه مؤيدو الحزب الجمهوري. فعندما تُغلق صناديق الاقتراع ويبدأ فرز الأصوات، يكون أغلبها من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم شخصيًا في مراكز الاقتراع، وهؤلاء غالبًا ما يميلون للجمهوريين.
هذا التقدم الأولي قد يُعطي انطباعًا خاطئًا بتفوق المرشح الجمهوري، ولكن هذا التقدم يبدأ بالتلاشي تدريجيًا مع بدء فرز الأصوات البريدية، التي يفضلها الناخبون الديمقراطيون وتأتي متأخرة.
“التحول الأزرق”: تصاعد الديمقراطيين مع فرز البريد
في المقابل، يمثل “التحول الأزرق” تحولاً تدريجيًا لصالح المرشح الديمقراطي، مع تزايد فرز بطاقات الاقتراع البريدية التي يتم إرسالها قبل يوم الانتخابات، ويميل إليها غالبية الناخبين الديمقراطيين. هذه الظاهرة باتت واضحة جدًا في الانتخابات السابقة، ففي عام 2020، حدث تحول ملحوظ لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن بعد فرز الأصوات البريدية في ولايات حاسمة مثل جورجيا وميشيجان، ما أثار جدلاً واسعًا وشكوكًا حول نزاهة العملية الانتخابية.
تأثير التعديلات القانونية على توازن الأصوات
في انتخابات اليوم، تأتي ظاهرتا “السراب الأحمر” و”التحول الأزرق” في ظل تغييرات تشريعية شهدتها بعض الولايات في قوانين التصويت بالبريد. ففي ولاية جورجيا، التي أجرت تعديلات جديدة على قوانين التصويت الشخصي والبريدي، يتوقع المسؤولون إعلانًا مبكرًا للنتائج الأولية، حيث صرح وزير الدولة براد رافنسبرجر بأن غالبية النتائج ستكون جاهزة بحلول الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي. لكن إذا كان السباق متقاربًا كما حدث في عام 2020، قد لا تكون النتيجة النهائية واضحة على الفور، مما يعزز من أهمية التمهل والصبر عند مراقبة النتائج.
وفي ميشيجان، قامت الولاية بتعديل قوانين فرز الأصوات بحيث يمكن البدء بمعالجة بطاقات الاقتراع قبل يوم الانتخابات، وقد أشارت وزيرة الدولة جوسلين بنسون إلى أن الدقة والأمن سيكونان أولوية قصوى على حساب السرعة، متوقعة أن تكون النتائج النهائية بحلول نهاية يوم الأربعاء. وتظل هذه الإجراءات محاولة لتفادي الجدل الذي اندلع في 2020 عندما أدى تأخر فرز الأصوات إلى زعزعة الثقة في العملية الانتخابية.
دروس من انتخابات 2020 وأهمية التحلي بالصبر
أظهرت دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن المقاطعات التي فاز فيها بايدن عام 2020 استغرقت وقتًا أطول في فرز الأصوات، مما دفع لجدل كبير في تلك الفترة حول نزاهة الانتخابات وشفافيتها. وفي ولاية جورجيا، لم يصبح تقدم بايدن واضحًا إلا في الساعات الأولى من 6 نوفمبر، بعد أن بدأت دفعات صغيرة من الأصوات البريدية في التأثير على النتيجة المتقاربة.
ومع توقعات بتكرار هذه السيناريوهات، يدعو الخبراء والمراقبون جميع الأطراف، من وسائل الإعلام إلى الناخبين، إلى التحلي بالصبر وتوخي الدقة عند متابعة الأخبار المتعلقة بالنتائج، وتجنب التسرع في إصدار الأحكام. ففي انتخابات 2024، قد تتطلب العملية الانتخابية وقتًا أطول في بعض الولايات التي تعتمد بشكل كبير على التصويت البريدي.
الإطار الزمني للنتائج واحتمالات التأخير
من الناحية القانونية، يتيح النظام الانتخابي الأمريكي للولايات مهلة حتى 11 ديسمبر 2024 لإكمال عمليات إعادة الفرز وحل النزاعات الانتخابية. ورغم الخبرات المكتسبة في التعامل مع أصوات البريد منذ انتخابات 2020، فإن السباقات المتقاربة قد تجعل من الضروري فهم التأثير المحتمل لـ”السراب الأحمر” و”التحول الأزرق” على نتائج الانتخابات النهائية، وبالتالي أهمية الصبر عند انتظار الإعلان الرسمي.
تعليقات 0