22 نوفمبر 2024 11:20
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

السودان بين مطرقة الحرب وسندان الجوع.. الحرب تدمر القطاع الزراعي وتدفع الملايين لتناول أوراق الأشجار

يشهد السودان أزمة إنسانية واقتصادية خانقة نتيجة الصراع الدائر منذ منتصف عام 2023، حيث تأثرت معظم القطاعات الحيوية، وعلى رأسها القطاع الزراعي، الذي يعد عصب الاقتصاد السوداني ومصدر الغذاء الرئيسي لأكثر من نصف سكان البلاد.

في ولاية القضارف، والتي تعد الأهم في إنتاج الذرة بالسودان، يواجه المزارعون تحديات تمويلية متفاقمة، دفعتهم إلى اللجوء إلى التمويل الذاتي وسط غياب دعم مالي من البنوك التي تأثرت بعمليات السلب والنهب على يد ميليشيا الدعم السريع.

السودان بين مطرقة الحرب وسندان الجوع.. الحرب تدمر القطاع الزراعي وتدفع الملايين لتناول أوراق الأشجار

أحمد عثمان، مزارع سوداني في ولاية القضارف، يروي جانبًا من معاناة المزارعين في مواجهة هذه الأزمة. يقول عثمان: “أول مشكلة واجهتنا كانت الحصول على التمويل بسبب نقص السيولة في البنوك، مما اضطرنا لبيع ممتلكاتنا، فقد بعت سيارتين لتمويل حصاد السمسم في مزرعتي”.

ومع تأثر القطاع المصرفي بعمليات النهب التي طالت معظم فروعه الرئيسية في الخرطوم، أصبح من الصعب على المزارعين الوصول إلى التمويل الضروري، مما أجبرهم على اللجوء إلى بيع ممتلكاتهم الخاصة.

كما زادت الحرب من صعوبة الحصول على العمالة الزراعية، التي كانت تأتي عادة من ولايات كردفان والنيل الأزرق وسنار، إلا أن الصراع امتد إلى كردفان وسنار، مما جعل انتقال العمال إلى القضارف محفوفًا بالمخاطر.

ويقول عثمان: “قلة العمال أجبرتنا على الاعتماد على عدد قليل منهم، أغلبهم من إثيوبيا، لكن هذا أدى أيضًا إلى ارتفاع أجور العمال، ما زاد من أعبائنا”.

ويحذر برنامج الأغذية العالمي من “مجاعة محدقة” تهدد البلاد، خاصة في ظل تعثر عمليات الحصاد لهذا الموسم.

السودان بين مطرقة الحرب وسندان الجوع.. الحرب تدمر القطاع الزراعي وتدفع الملايين لتناول أوراق الأشجار

ويواجه أكثر من 25 مليون سوداني، أي نصف عدد السكان تقريبًا، خطر انعدام الأمن الغذائي، حيث أشارت منظمات إغاثة إلى أن بعض العائلات اضطرت لتناول أوراق الأشجار والحشرات في محاولة للبقاء على قيد الحياة.

ويشير سليمان محمد، مزارع آخر في المنطقة، إلى أن عدم توفر العمالة أدى إلى ارتفاع أجور العمال الموجودين، مما دفع المزارعين إلى الاكتفاء بالعمال المتاحين من مناطق أخرى، مثل العمال الإثيوبيين.

ويضيف محمد: “اعتمادنا على التمويل الذاتي أدى إلى خروج عدد من المزارعين من الموسم الزراعي بالكامل”.

تفاقم هذه الأزمة لا يقتصر على نقص العمالة والتمويل فقط، بل يهدد أيضًا جودة المحاصيل ويمثل تهديدًا على عملية الحصاد.

ويحذر عثمان عبد الكريم، مزارع آخر من جنوب القضارف، من أن “التأخير في حصاد المحاصيل سيؤثر على جودتها ويزيد من احتمالية تعفنها، مما يفاقم الأزمة الغذائية في البلاد”.

ومع استمرار النزاع بين الجيش الوطني وميليشيا الدعم السريع، وارتفاع حصيلة الضحايا إلى عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، يقف السودان أمام إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث. ويحذر المراقبون من أن استمرار هذه الأوضاع سيؤدي إلى تفاقم المعاناة، حيث باتت البلاد على شفا مجاعة تاريخية تهدد حياة الملايين.