العلويون في سوريا.. تأثير العقيدة التاريخية على نظام الأسد وأبعاده السياسية

تتعدد العقائد في العالم، لكن عقيدة العلويين، التي يُعتبر بشار الأسد أحد أبرز رموزها، تحمل أبعادًا سياسية ودينية مثيرة للجدل.

تأسست هذه العقيدة على تعاليم تاريخية مُعقدة، حيث تنسب إلى “أبي شعيب محمد بن نصير النميري”، الذي يعتبر بابًا شرعيًا للإمام الحسن العسكري، الإمام الحادي عشر في الشيعة الاثني عشرية. ومع ذلك، تصفها العديد من العلماء من المذهبين السني والشيعي بأنها بعيدة عن الإسلام.

تاريخهم في سوريا

في عام 1971، شهدت سوريا انقلابًا عسكريًا قاده حافظ الأسد، الذي كان ينتمي إلى الطائفة العلوية.

بعد انقلابه على رفيقه صلاح جديد، تمكن الأسد من استغلال الوضع السياسي في البلاد، حيث أصر على وجود شخصية سنية كواجهة في رئاسة الدولة ليقلل من ردة فعل الشارع السوري. على الرغم من هذه الخطوة، تمكن الأسد من الوصول إلى السلطة الفعلية.

خلال صياغة الدستور الجديد في عام 1973، أثار الأسد غضب العلماء المسلمين بإزالة بعض المواد التي كانت تُشترط أن يكون الإسلام دين الدولة ورئيسها.

دفعت هذه الخطوة إلى احتجاجات واسعة، ولكن الأسد اضطُر في النهاية لتلبية المطالب بإعادة تضمين المواد الإسلامية، مما خلق له أزمة دستورية كونه ينتمي لطائفة غير معترف بها من قبل بعض العلماء.

الفتوى الصدرية كحل

في إطار الأزمة التي واجهها، استدعى الأسد المرجع الشيعي موسى الصدر الذي اجتمع مع شيوخ الطائفة العلوية، وقد أسفرت هذه الاجتماعات عن فتوى تؤكد أن العلويين هم فرقة من فرق الشيعة الجعفرية.

بهذه الفتوى، وجد الأسد مخرجًا لأزمته القانونية، إذ أضحت العلويّة تُعتبر فرقة شيعية مما وفّر له الشرعية لاستمراره في الحكم.

العقيدة العلوية

تتضمن العقيدة العلوية مجموعة من المعتقدات الفريدة، حيث يُقدس العلويون علي بن أبي طالب ويعزون له مكانة خاصة، رغم اعتقادهم الغريب بأن قاتله ابن ملجم كان له دور في “تحرير اللاهوت”. كما يؤمن العلويون بتناسخ الأرواح، ويعتقدون أن من لا يقدسون عليًا يُعاقب بالعودة في هيئة حيوانات مثل الكلاب أو الإبل.

تعكس هذه العقيدة تداخلًا بين التأثيرات المسيحية واليهودية، حيث أقر ذو الفقار غزال، مرجع علوي، في حديث له مع بي بي سي بأن مقدسات الطائفة تشمل أيضًا المفاهيم من الديانات الأخرى.

خلاصة

العلويون يمثلون جزءًا معقدًا من النسيج الاجتماعي والديني في سوريا. فبينما يحاول بشار الأسد استخدام عقيدته لتبرير حكمه، يظل الغموض الذي يحيط بتاريخهم ومعتقداتهم مصدرًا للجدل والنقاش في الأوساط السياسية والدينية.

إن التحديات التي تواجه هذه الطائفة، خاصة في ظل الأزمات السياسية الحالية، تبرز أهمية فهم العقائد المختلفة وتأثيرها على السياسة في المنطقة.