28 نوفمبر 2024 09:53
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

باماكو على حافة الهاوية.. تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين يضرب بقوة ويكشف هشاشة الأمن المالي

في 17 سبتمبر 2024، اهتزت العاصمة المالية باماكو على وقع انفجارات مدوية ووابل من الرصاص، في هجوم إرهابي مباغت شنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أكبر تحالف قاعدي في إفريقيا.

استهدفت الجماعة صروحًا حيوية في قلب المدينة، بما في ذلك مطار باماكو الدولي ومدرسة الدرك العسكرية في فالادجي، مما أسفر عن دمار هائل وخسائر بشرية فادحة، مخلفة وراءها أزمة جديدة تهدد الاستقرار في البلاد والمنطقة.

باماكو على حافة الهاوية.. تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين يضرب بقوة ويكشف هشاشة الأمن المالي

الهجوم الإرهابي: تفاصيل وأهداف
لم يكن الهجوم على مطار باماكو الدولي مجرد حادث عابر، بل كان بمثابة إعلان حرب على الدولة والمجتمع الدولي. استهدف الهجوم البنية التحتية العسكرية والمدنية على حد سواء.

وزعمت الجماعة أنها دمرت ست طائرات عسكرية، بما في ذلك طائرة بدون طيار، وألحقت أضرارًا بطائرات أخرى، من بينها طائرة الرئاسة المالية وطائرة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، كما أضرمت النيران في حظائر الطائرات والمباني المجاورة.

لم تكن الأضرار مادية فقط، بل حمل الهجوم رسالة واضحة مفادها أن الجماعة الإرهابية تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة وإثبات تفوقها العسكري.

وجاء هذا الهجوم في سياق التوترات المتصاعدة بين الحكومة المالية والتنظيمات الإرهابية، وسط جهود دولية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي.

دوافع الهجوم: بين السيطرة على اللوجستيات وإرسال الرسائل السياسية
تشير التحليلات إلى أن الهجوم يحمل في طياته دلالات متعددة. فمن جهة، يسعى تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين” للسيطرة على الخطوط اللوجستية الهامة في البلاد، مثل مطار باماكو الذي يُستخدم لتوريد الإمدادات العسكرية والإنسانية.

ويشكل هذا المطار شريانًا حيويًا للحكومة المالية في مواجهتها للإرهاب. السيطرة عليه تعني تعطيل الإمدادات الخارجية وإضعاف الحكومة المدعومة دوليًا.

باماكو على حافة الهاوية.. تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين يضرب بقوة ويكشف هشاشة الأمن المالي
من جهة أخرى، يُعتبر الهجوم رسالة أيديولوجية تهدف إلى استقطاب المجندين الجدد، خاصة من بين الشباب الساخط على النظام. بفضل هذا الهجوم، يسعى التنظيم لتعزيز صورته بين الجماعات الإرهابية الأخرى مثل تنظيم داعش، الذي ينافسه على النفوذ في المنطقة.

كما يعكس الهجوم رغبة الجماعة في إرسال إشارة واضحة إلى القوات الأجنبية، خاصة مجموعة فاجنر الروسية، التي تُعد من أبرز الجهات الداعمة للحكومة المالية.

تداعيات الهجوم: اقتصاد منهار وصراع متصاعد
خلف الهجوم تداعيات خطيرة على المشهد المالي، إذ تسبب في تعطيل الحركة الجوية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. فالطيران يُعتبر وسيلة حيوية للتجارة والسياحة في مالي، والهجوم على المطار سيؤثر سلبًا على تدفق الاستثمارات الأجنبية، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الحكومة.

على الصعيد العسكري، من المتوقع أن يؤدي الهجوم إلى تصعيد العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية، سواء من قبل القوات المالية أو الدولية. من المرجح أن تعتمد القوات على الغارات الجوية والعمليات البرية لاستهداف مواقع التنظيمات الإرهابية، مما قد يؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا المدنيين وزيادة التوترات الإقليمية.

تداعيات اجتماعية وإنسانية: نزوح داخلي وتوترات عرقية
لم تقتصر تداعيات الهجوم على الجانب العسكري والاقتصادي فحسب، بل أثرت أيضًا على النسيج الاجتماعي في مالي. فقد شهدت البلاد موجة نزوح جديدة نتيجة فرار المدنيين من المناطق المتضررة، مما يزيد من الضغوط على المنظمات الإنسانية التي تحاول إيصال المساعدات في ظل استهداف الجماعات الإرهابية للمطارات.

علاوة على ذلك، تسبب الهجوم في تصاعد التوترات العرقية بين بعض القبائل والأجهزة الأمنية، وخاصة بين الشباب من الفولانيين والأجهزة الأمنية، مما يهدد باندلاع صراعات داخلية قد تؤدي إلى حرب أهلية.

باماكو على حافة الهاوية.. تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين يضرب بقوة ويكشف هشاشة الأمن المالي

ضغوط على الحكومة: تغيير في القيادة وتحديات أمام روسيا
الهجوم الإرهابي كشف عن فشل ذريع في خطط الدفاع الحكومية، ما أثار تساؤلات حول كفاءة القيادة الحالية. من المتوقع أن يتعرض المجلس الحاكم لضغوط كبيرة لإجراء تغييرات في الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الإطاحة ببعض المسؤولين. كما قد تضطر روسيا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في مالي، خاصة في ظل الانتقادات المتزايدة لدور مجموعة فاجنر في البلاد.

خاتمة: مالي في مفترق الطرق
الهجوم الذي استهدف مطار باماكو الدولي ليس حدثًا عابرًا، بل يعكس استراتيجية مدروسة من قبل جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” لاستغلال حالة عدم الاستقرار الداخلي في مالي لتحقيق مصالحها. ورغم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، يبدو أن التنظيمات الإرهابية ما زالت قادرة على ضرب أهداف حيوية في قلب العاصمة، مما يشير إلى هشاشة الأمن المالي وتحديات كبيرة تواجه الحكومة والقوى الأجنبية في تأمين البلاد.