بعد الخسائر والفشل العسكري والاستخباراتي.. مخطط صهيوني لعزل غزة وتفريغها من سكانها لصالح الأمن الإسرائيلي
رغم دخول الحرب على غزة شهرها الثالث، خلفت وراءها -حتى الآن- ألاف الشهداء والجرحى، من الجانب الفلسطيني، وعشرات القتلى والمصابين، من الجانب الإسرائيلي، والذي تكبد الأخير فيها خسائر غير مسبوقة وعلى كل الأصعدة، بدءا من الفشل الاستخباراتي بتوقع أحداث السابع من أكتوبر، وحتى الوصول لأماكن المحتجزين وتحريرهم من قبضة حماس، وصولاً إلى تحقيق مكاسب ترجح كفته على أرض المعركة.
ورغم الفشل الذريع لحكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، غير أن الرؤية لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، دائما ما يردده قادة الاحتلال وساسته البارزين، بينهم الممثّل الدائم السابع عشر لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، والعضو الحالي في حزب الليكود، وفي الكنيست، وأحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، وكذلك اللجنة الفرعية للاستخبارات والخدمات السرّية «داني دانون»، الذي وضع عدد من الأفكار لرؤيته لفترة ما بعد الحرب على غزة، وضمان ما أسماه بأمن إسرائيل، ومنع حدوث 7 أكتوبر جديد.
الرؤية المزعومة للدبلوماسي الإسرائيلي، ترتكز على نزع سلاح المقاومة في غزة، والهجرة الطوعية لسكان القطاع، وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع إسرائيل، وإخضاع المعابر لرقابة دولية.
القيادي في الليكود، أكد بأن أحداث السابع من أكتوبر، كانت غير مسبوقة، دمرت الجنوب الإسرائيلي، واعترف بأن قوات الاحتلال، قامت باستهداف البنية التحتية الأساسية في غزة، بينها المدارس والمستشفيات والمساجد ورياض الأطفال، وتركتها في حالة من الفوضى.
وقال «دانون»، أنه رغم وضوح أهداف إسرائيل في الحرب على غزة، وعنف المواجهات العسكرية وصعوبتها، ومنها القضاء على حماس، وإطلاق سراح الرهائن، غير أنه من المهم الحديث عن فترة ما بعد تحقيق إسرائيل أهدافها، والبدء فيما أسماه بالحقبة الجديدة في غزة.
القيادي الإسرائيلي، اقترح في ضوء التحديات الحالية، ولمنع حدوث 7 أكتوبر جديد، خمسة مبادئ تركّز على أمن إسرائيل، وتفكيك حماس، وإخضاع المعونة المالية المقدّمة إلى غزة للمساءلة، وربط الجهود المستقبلية بشكل وثيق بين كلّ أعمال الترميم والتنمية والنأي المستمرّ عن التحريض والكراهية.
وتعتمد المبادىء المزعوم للقيادي الإسرائيلي على التالي:
أوّلاً: تجريد غزة من السلاح بشكل كامل:
_ وذلك من خلال ضمان القضاء على جميع عناصر المقاومة، بما في ذلك الأسلحة والذخائر والصواريخ وأيّ بنية تحتية أخرى مرتبطة بها، على أن تكون لقوات الدفاع الإسرائيلية خلال فترة التجريد من السلاح وبعدها، حرّية العمل الكاملة للردّ على جميع التهديدات الأمنيّة، وأن تكون الأسلحة الوحيدة المسموح بدخولها إلى غزة المسدّسات المخصّصة لأنشطة الشرطة فقط.
ثانياً: منطقة أمنية عازلة تضمن أمن إسرائيل:
_ وقبل الانتهاء من تجريد غزة من السلاح، ستنشئ إسرائيل منطقة أمنيّة عازلة بطول ثلاثة كيلومترات تمتدّ على طول حدودها، ويكون دخول هذه المنطقة ممنوعاً منعاً باتّاً على جميع الأطراف.
ثالثاً: سيتمّ تحديث معبر رفح على الجانب الغزّي لدمج التكنولوجيا والقدرات الجديدة، وستشرف القوات الدولية، بما فيها إسرائيل، على هذا المعبر لمنع تدفّق الذخائر غير القانونية والأسلحة والموادّ ذات الصلة بالمقاومة إلى غزة.
وبالنظر إلى الكميّة الكبيرة من الأسلحة التي عُثر عليها في غزة، من الواضح أنّ المعبر الحدودي لم يكن تحت السيطرة أو المراقبة الكافية، ومن شأن هذه الآليّة الجديدة أن تضمن بقاء غزة منزوعة السلاح.
رابعاً: عرض خيار الهجرة الطوعية على سكان غزة.
_ إنّ إتاحة الفرصة لسكان غزة للاستقرار في البلدان الراغبة في الترحيب بهم من شأنها أن تخفّف الضغط الاقتصادي وتسهم في انتعاش قطاع غزة من خلال ضخّ العملات الأجنبية بانتظام إلى أفراد الأسرة الذين بقوا في غزة، كما هو سائد في العديد من الاقتصادات النامية. وهذا اعتبار مهمّ لأنّ الحالة الاقتصادية في قطاع غزة لا توفّر الكثير من فرص العمل، وينبغي السماح لأولئك الذين يرغبون في الانتقال إلى وجهات مختلفة في العالم بالقيام بذلك. علماً أنّ إعادة التوطين تتعلّق بسكان غزة الذين يرغبون في المغادرة، كما تعتمد على استعداد البلدان المضيفة لقبول المهاجرين أو العمّال الغزّيين.
خامساً وأخيراً: التنشيط الاقتصادي لغزة:
يعتمد التنشيط الاقتصادي لغزة على التخلّي القاطع عن التحريض والإرهاب، وينبغي إنشاء إطار دولي شامل يضمّ دول المنطقة والمجتمع الدولي الأوسع، وسيتولّى هذا الإطار، المكلّف بتفويض دولي، الإشراف على إدارة جميع الجوانب المدنية، مثل الصحة والتعليم وإنفاذ القانون، مع التركيز بشكل خاص على بناء نظام تعليمي جديد، خالٍ من الكراهية والتحريض، هذا الإطار التعاوني سيساهم بشكل فعّال في إعادة التأهيل الاقتصادي الحقيقي في غزة، على أن يتمّ تقسيم غزة إلى مناطق منفصلة متميّزة، وتتمّ مكافأة التزام كلّ منطقة بتبنّي قيم وأنظمة جديدة بالتمويل والموارد، مثل هذا التحوّل الاستراتيجي يعالج عملية إعادة التوجيه التاريخية للمليارات من الأموال والموارد، بدلاً من إفادة سكان غزة، وبموجب هذا النظام الجديد، سترتبط وتيرة الاستثمارات، بما في ذلك التمويل وتطوير البنية التحتية في كلّ منطقة من مناطق غزة، ارتباطاً وثيقاً بالتزامها واستعدادها لغرس القيم الإيجابية داخل مجتمعاتها ورفض الإرهاب.
وزعم «دانون» أن الشرط الأساسي لإحداث تغيير حقيقي ودائم في المنطقة، وضمان أمن إسرائيل، وتعزيز مستقبل أفضل لشعب غزة، يتوقّف على الالتزام الثابت بالقضاء على ثقافة الكراهية المتأصّلة بعمق داخل المجتمع الغزاوي، مدعيا أن إسرائيل تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا التحدّي الهائل، حيث تمدّ يدها المفتوحة للمجتمع المحلي والعالمي للمشاركة بنشاط في إعادة تشكيل الواقع الحالي، ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية، إلى الاضطلاع بدور مركزي في توفير الدعم المالي والإنساني.
تعليقات 0