تصاعد الأحداث في سوريا.. هل ترتسم ملامح ترتيب جديد للمنطقة
ما ان انطفأت نار الحرب في جنوب لبنان إلا واشتعلت بفغل فاعل في شمال سوريا، حيث شهدت سوريا تطورات ميدانية لافتة مع هجوم واسع شنته فصائل مسلحة على مدينة حلب وريفها، مما أدى إلى سيطرة التنظيمات المسلحة بشكل كامل على المنطقة وانسحاب القوات السورية والميليشيات الإيرانية، وفقًا لتقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان.
هذا التصعيد جاء متزامنًا مع وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، مما أثار تساؤلات حول وجود ترابط بين الملفين، خاصة في ظل التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة للنظام السوري.
تحذيرات إسرائيلية ورسائل مباشرة للأسد
حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس السوري بشار الأسد مما وصفه بـ”اللعب بالنار”، في إشارة إلى استمرار دعم دمشق لحزب الله وتسهيل إمداداته العسكرية.
وقد ترافق هذا التحذير مع قصف إسرائيلي استهدف معابر حدودية بين سوريا ولبنان، في محاولة لمنع تسريب الأسلحة إلى الحزب، ما يؤكد أن إسرائيل ترى في التطورات السورية امتدادًا لمعركتها ضد حزب الله على الجبهة اللبنانية.
تحليل المشهد السوري.. مرحلة جديدة من التوازنات
يرى المحلل السياسي بشارة شربل، في تصريحات صحفية أن ما يحدث في سوريا يمثل نقطة تحول خطيرة في الصراع الدائر منذ سنوات.
فالهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة أخرى يستهدف بشكل رئيسي تقليص نفوذ إيران وحلفائها، وخاصة بعد الأحداث الأخيرة في غزة وحرب إسرائيل مع حزب الله.
ويعتبر شربل أن هذا التحرك العسكري ليس مجرد خطوة معزولة، بل جزء من عملية أكبر تهدف إلى إعادة ترتيب التوازنات الإقليمية. “هذه التطورات ليست محصورة في سوريا، بل تتعلق بترتيبات واسعة النطاق تتصل بتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة في عهد الرئيس دونالد ترامب”، يقول شربل.
الدور التركي.. لاعب حاسم في المشهد
بحسب شربل، لعبت تركيا دورًا محوريًا في هذه التغيرات. فالتناقضات بين تركيا وسوريا تعكس بدورها تناقضات أوسع بين القوى العالمية، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، التي تتواجه بشكل مباشر في ملفات إقليمية أخرى مثل الأزمة الأوكرانية.
الدور التركي يبدو واضحًا في دعم الفصائل المسلحة التي شنت الهجوم على حلب، مما يسلط الضوء على العلاقات المعقدة بين أنقرة وموسكو، والتي تحمل تناقضات مصالح رغم التنسيق في بعض القضايا الإقليمية.
ارتباط الأحداث في لبنان وسوريا: مصادفة أم تخطيط؟
التزامن بين وقف إطلاق النار في لبنان والهجوم على حلب أثار تكهنات حول وجود ارتباط وثيق بين الملفين.
شربل أكد أن هذه التطورات لا يمكن أن تكون محض صدفة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى جاهدة لضمان وقف الإمدادات العسكرية من سوريا إلى حزب الله، وهو ما ينعكس في تصعيدها الأخير ضد المعابر الحدودية.
ويضيف شربل: “كل المؤشرات تدل على أن ما يحدث جزء من مشروع أكبر لإعادة ترتيب المنطقة، خاصة في ظل السيولة الشديدة التي يشهدها الوضع السوري”.
مستقبل سوريا.. أسئلة معلقة
مع سيطرة الفصائل المسلحة على حلب وريفها، باتت الأسئلة تطرح حول مستقبل سوريا ودور القوى الإقليمية والدولية في صياغة المشهد الجديد.
شربل أشار إلى أن هذه التطورات قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التحولات الجذرية في البلاد، خاصة مع تراجع النفوذ الإيراني وتزايد التدخلات التركية والإسرائيلية.
رسائل المنطقة: بين الواقع والمشروع
يبدو أن التطورات المتسارعة في سوريا ولبنان تحمل رسائل متعددة من القوى الإقليمية والدولية.
إسرائيل تؤكد رفضها لاستمرار نفوذ حزب الله وإيران، وتركيا تسعى لتعزيز موقعها في الملف السوري، بينما الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب في إطار استراتيجيتها الجديدة في المنطقة.
في ظل هذا المشهد المعقد، تبقى سوريا مسرحًا لتحولات قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية للشرق الأوسط بأكمله، مع ترقب دولي وإقليمي لما ستؤول إليه الأحداث في الأيام القادمة.
تعليقات 0