جاريد كوشنر.. رجل الظل الذي يخطط لاقتلاع غزة من الخريطة
![](https://www.sinai.news/wp-content/uploads/2025/02/جاريد-كوشنر.webp)
في الكواليس، بعيدًا عن الأضواء، يعمل جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره المقرب، على إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق رؤية راديكالية تتجاهل تعقيدات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وبينما لا يشغل كوشنر منصبًا رسميًا في الإدارة الأمريكية الحالية، إلا أن تأثيره لا يزال حاضرًا بقوة في الدوائر السياسية، حيث يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للعديد من التحركات التي تصب في صالح إسرائيل، وعلى رأسها مخطط تهجير سكان غزة.
خطط خفية.. وهدف واحد: اقتلاع غزة من المشهد
تكشف تصريحات مسربة ووثائق عن رؤية جذرية يتبناها كوشنر بشأن مستقبل غزة، وهي رؤية تقوم على إخلاء القطاع بالكامل من سكانه، وإعادة توطينهم في أماكن أخرى، سواء في صحراء النقب أو في دول الجوار، بهدف تغيير الطابع الديموغرافي للمنطقة وإحكام السيطرة الإسرائيلية على القطاع.
هذه الأفكار، التي قد تبدو أكثر تطرفًا من الخطط الإسرائيلية المعلنة، تتماهى مع سياسات اليمين الإسرائيلي المتشدد الذي يسعى إلى حسم الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي عبر القوة والتهجير القسري.
أخبار تهمك
في إحدى الندوات التي استضافتها جامعة هارفارد، كشف كوشنر عن تصوره بشكل صادم، حيث قال بوضوح: “على إسرائيل أن توطن سكان غزة في النقب، بينما تنتهي من تنظيف القطاع”، وأضاف متهكمًا عند سؤاله عما إذا كان الفلسطينيون سيتمكنون من العودة إلى ديارهم في غزة: “ربما، ولكن غزة لم تعد موجودة حقًا الآن. لم يتبق منها الكثير، هذا أمر مؤكد”.
هذه التصريحات، التي لم تكن مجرد زلة لسان، تعكس رؤية كوشنر العميقة لقطاع غزة باعتباره عقبة يجب إزالتها بأي وسيلة كانت.
ترامب يردد كلمات كوشنر.. وغزة هدف مستقبلي
لم تتوقف هذه الأفكار عند كوشنر فقط، بل وجدت طريقها إلى تصريحات ترامب نفسه. ففي مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، قال ترامب أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “قطاع غزة كان مصدر دمار، وسكانه بحاجة إلى الذهاب إلى أماكن أخرى”. هذه الكلمات لم تكن مجرد رأي عابر، بل كانت إشارة واضحة إلى خطط يتم الإعداد لها بصمت.
وتشير تقارير إلى أن كوشنر، رغم غيابه عن البيت الأبيض رسميًا، لا يزال يلعب دورًا أساسيًا في صياغة توجهات اليمين الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، حيث يحظى بنفوذ واسع في الدوائر المحافظة، ولا يزال يُستشار في القضايا الكبرى، خاصة ما يتعلق بـإسرائيل وفلسطين.
مشروع كوشنر.. من “صفقة القرن” إلى “إبادة غزة”
لم تكن فكرة تهجير سكان غزة جديدة على كوشنر، فهو أحد مهندسي “صفقة القرن”، التي سعت إلى فرض واقع جديد على الفلسطينيين من خلال تقديم حلول اقتصادية سطحية تتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
ويبدو أن رؤيته اليوم أصبحت أكثر وضوحًا، فبدلًا من تقديم الإغراءات المالية، يتبنى كوشنر خطابًا يدعو صراحة إلى اقتلاع سكان غزة وتهجيرهم.
ويكشف تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن كوشنر، أثناء فترة عمله في البيت الأبيض، ناقش أفكاره مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، لكنه لم يعرضها علنًا آنذاك، ربما لانتظار اللحظة المناسبة.
لكن الآن، مع تصاعد التوترات في غزة، باتت هذه الأفكار تُطرح بشكل أكثر وضوحًا، سواء عبر تصريحات كوشنر أو ترامب، أو حتى عبر الإجراءات الإسرائيلية المتزايدة على الأرض، والتي تبدو وكأنها تمهيد فعلي لمخطط تهجير سكان القطاع.
“غزة الجديدة”.. بين موناكو وريفييرا الشرق الأوسط
على الرغم من أن تصريحات كوشنر وترامب تبدو مبنية على رؤية اقتصادية، حيث يصفان غزة بأنها “قطعة أرض ذات إمكانات سياحية واقتصادية ضخمة”، إلا أن جوهر المخطط أبعد من ذلك بكثير. ففي أكتوبر الماضي، قال ترامب في مقابلة إن “غزة يمكن أن تكون أفضل من موناكو، إذا تم بناؤها بالطريقة الصحيحة”، في إشارة إلى نيته تحويل القطاع إلى منطقة سياحية عالمية بعد إفراغها من سكانها.
وفي حديثه خلال تنصيبه الأخير، ألمح ترامب إلى هذه الخطة مجددًا، قائلاً: “إنها منطقة رائعة، تطل على البحر، والطقس فيها رائع. كل شيء على ما يرام. ويمكن القيام ببعض الأشياء الجميلة هناك”. وبعد أسابيع فقط، أعلن عن خطته “لاستعادة غزة” وإعادة بنائها بمساعدة أمريكية”، ما يعزز الشكوك حول وجود مشروع متكامل يهدف إلى محو غزة وإحلال واقع جديد مكانها.
تهجير قسري تحت غطاء “إعادة الإعمار”
يرى محللون أن مشروع كوشنر ليس إلا غطاءً لمخطط تهجير قسري واسع النطاق، حيث يتم الترويج لفكرة إعادة الإعمار والاستثمار كوسيلة لإخفاء الهدف الحقيقي المتمثل في طرد سكان القطاع واستبدالهم بمشاريع استثمارية تخدم مصالح إسرائيل وحلفائها.
وبينما يواصل سكان غزة مقاومتهم لهذا المخطط بوسائل شتى، فإن التحركات السياسية والدبلوماسية الدولية لم تصل بعد إلى مستوى التصدي الحقيقي لمثل هذه الأفكار الخطيرة. ويبقى السؤال المطروح: هل ستسمح القوى الدولية بتمرير هذه المخططات أم أن غزة ستبقى شوكة في حلق من يسعون لمحوها من الخريطة؟
تعليقات 0