خاص| خبراء اقتصاد: رفع فيتش للتصنيف الائتماني لمصر بداية لتعافي القطاع ومخاوف من فخ الاستدانة

4 يونيو 2024
وكالة فيتش للتصنيف الائتماني
وكالة فيتش للتصنيف الائتماني

عدلت وكالة التصنيف الائتماني العالمية فيتش نظرتها المستقبلية لاقتصاد جمهورية مصر العربية إلى “إيجابية” عند “B-“، وذلك لما شهدته مصر من تحسن ملحوظ في مؤشرات الاستقرار المالي خلال الفترة الماضية، وتشير التوقعات إلى استمرار هذا التحسن خلال العامين المقبلين.

ولعب اتفاق رأس الحكمة المبرم بين مصر والإمارات العربية المتحدة دورًا هامًا في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وسهّل الاتفاق تحرير سعر صرف الجنيه المصري، والمضي قدمًا في تنفيذ السياسة النقدية، ممّا أدى إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي لمصر على المدى القريب.

 

وتوقعت وكالة فيتش أن ترتفع احتياطيات النقد الأجنبي بشكل ملحوظ خلال العامين الماليين المقبلين، حيث تتوقع أن تصل إلى 49.7 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2024 و 53.3 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2025. ويعود هذا الارتفاع إلى تدفقات التمويل الإضافية من المؤسسات المالية الدولية وعودة المصريين بالخارج، بالإضافة إلى تحسن إيرادات قناة السويس.

 

انخفاض الدين الخارجي

ومن المتوقع أن ينخفض صافي الدين الخارجي لمصر بنسبة 6.5 نقطة مئوية في الفترة من 2023 إلى 2025، ليصل إلى 23.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعود هذا الانخفاض إلى الفوائض الأولية القوية والنمو القوي في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، بالإضافة إلى تخصيص جزء من أموال صفقة رأس الحكمة لسداد جزء من الدين الخارجي.

 

كما يتوقع أن ينخفض معدل التضخم بشكل كبير خلال العامين المقبلين، حيث تتوقع فيتش أن يصل إلى 12.3% في يونيو 2025. ويعود هذا الانخفاض إلى ارتفاع أسعار الفائدة، واستقرار سعر الصرف، وتخفيف القيود على العرض.

 

نمو الناتج المحلي الإجمالي

ومن المتوقع أن يتباطىء نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.7 نقطة مئوية في السنة المالية 2024 إلى 3.1%، قبل أن يتسارع إلى 4.7% في السنة المالية 2025. ويعود هذا التسارع إلى تعزيز الثقة وتحويلات العاملين في الخارج والدخل الحقيقي والإنفاق على الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

وتشير التقديرات إلي تقلص العجز العام للحكومة بمقدار 0.3 نقطة مئوية في السنة المالية 2024 إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعود هذا الانخفاض إلى تعويض الإيرادات المالية من صفقة رأس الحكمة ارتفاعا بنسبة 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في فوائد الدين.

 

تأثير إيجابي على النظام المصرفي

وفي ضوء التحسن الأخير في التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة “فيتش”، أدلت الدكتورة حنان رمسيس، المحلل المالي وعضو مجلس إدارة شركة الحرية لتداول الأوراق المالية، بتصريحات خاصة لـ “سيناء الإخبارية” تعكس الأثر الإيجابي لهذا التطور على الاقتصاد المصري.

 

وأشارت الدكتورة رمسيس إلى أن رفع التصنيف يعد خبرًا إيجابيًا يعود بالفائدة على النظام الائتماني والنظام المصرفي في مصر.

 

وترجع هذه الفوائد إلى استقرار سعر الصرف وتوافر النقد الأجنبي اللازم لتحرير السلع المحتجزة داخل الموانئ، مما يسهم في ضبط حركة العرض والطلب ويحسن من أداء مؤشر مديري المشتريات.

 

كما أكدت الدكتورة رمسيس أن هذا التحسن في التصنيف يحسن أيضًا من أداء البورصة المصرية، ويعطي نظرة إيجابية عن الاقتصاد المصري. وتشير إلى أن هذا يشجع المتعاملين الأجانب والعرب على زيادة استثماراتهم في مصر، ما يسهم في ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية.

 

ووفقًا للدكتورة رمسيس، فإن الاقتصاد المصري يظهر علامات التعافي ويتجه نحو المزيد من الأداء الإيجابي. وتعتبر الاستثمارات الداخلة إلى مصر وتنمية المناطق الحرة عوامل رئيسية تسهم في استقرار النقد الأجنبي وتقلل من الفجوة بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي، ما يقوي من قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.

 

مع ذلك، تشير الدكتورة رمسيس إلى وجود تحديات تتمثل في فوائد وأقساط القروض الخارجية المستحقة، والتي قد تحد من التعافي الاقتصادي. ولكن، تعبر عن تفاؤلها بأن الاقتصاد المصري، بعيدًا عن هذه القروض، يتعافى بشكل كامل ويتجه نحو المزيد من الأداء الإيجابي.

 

رفع التصنيف خطوة متوقعة

ومن جانبه، اتفق الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مع الدكتورة حنان رمسيس في الرأي، مؤكدًا على أن رفع التصنيف الائتماني لمصر كان متوقعًا، خاصة بعد تحركات مماثلة من وكالات تصنيف أخرى مثل موديز وستاندرد اند بورز.

 

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذا التحسن في التصنيف يعكس بداية تعافي الاقتصاد المصري من الأزمة الاقتصادية، ويعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ما يساهم في زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

كما يتوقع الخبير الاقتصادي مصطفى أبو زيد أن يؤدي هذا التحسن في التصنيف الائتماني إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مع هدف الحكومة المصرية لزيادة حجم هذه الاستثمارات إلى 19 مليار دولار بحلول عام 2030. ويعد هذا جزءًا من التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال الست سنوات القادمة؛ ما يؤكد على قدرة الدولة المصرية على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها الدولية تجاه الديون الخارجية، ويزيد من جاذبية السندات المصرية في الأسواق الدولية.

 

فخ الاستدانة

في سياق متصل حذر الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، من فخ “الاستدانة” بعد رفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لمصر، مشيرًا إلى أن ذلك قد يكون محاولة لجذب مصر للاقتراض مرة أخرى.

 

وفي تصريحات خاصة لـ “سيناء الإخبارية”، قال الدكتور توفيق: “للمرة الخامسة في غضون سنوات قليلة، أصدرت جولدمان ساكس، ومعها من المؤسسات الاستثمارية، تقريرًا يشيد بالاقتصاد المصري وتحسن أدائه، وذلك فقط بعد حصول مصر على بضعة مليارات من الدولارات نتيجة صفقة رأس الحكمة”.

 

وأضاف توفيق: “تمادت هذه المؤسسات، التي تدير محافظ وصناديق استثمارية في الأسواق الناشئة بما في ذلك مصر، في خبثها من خلال توقع انخفاض سعر الدولار إلى 40 جنيهاً خلال الشهور الستة القادمة، وذلك نتيجة لتحسن الأداء الاقتصادي للدولة.

 

وتابع توفيق:”أؤكد بكل وضوح أن محافظ البنك المركزي الحالي مختلف ويدير الأمور المالية بكفاءة نادرة.

 

وتشير توقعات فيتش إلى تحسن ملحوظ في مؤشرات الاستقرار المالي في مصر خلال العامين المقبلين. وتدعم هذه التوقعات الإصلاحات المالية والهيكلية الجارية، بالإضافة إلى تدفقات التمويل الإضافية وتحسن إيرادات العملات الأجنبية.