2 يناير 2025 22:16
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

روسيا تواجه تحديات جديدة في سوريا.. بوتين يؤكد التمسك بالقواعد العسكرية

لعبت روسيا دورًا محوريًا في دعم نظام الرئيس بشار الأسد، وهذه العلاقة لم تكن مجرد تحالف سياسي أو عسكري، بل امتدت لتشمل مصالح استراتيجية عميقة ترتبط برؤية موسكو لدورها في الشرق الأوسط ومكانتها على الساحة الدولية.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد وفي خطوة أثارت ضجة واسعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن وجود روسيا العسكري في سوريا سيستمر، حتى بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وجاءت هذه التصريحات لتضيف بعدًا جديدًا إلى التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة، حيث تبدو روسيا مصممة على الحفاظ على موطئ قدم استراتيجي في الشرق الأوسط، رغم التحولات العميقة التي تشهدها الساحة السورية.

روسيا تواجه تحديات جديدة في سوريا.. بوتين يؤكد التمسك بالقواعد العسكرية

بوتين، الذي وصف التدخل الروسي في سوريا بأنه “نجاح استراتيجي”، أكد في 19 ديسمبر 2024 أن بلاده حققت أهدافها الأساسية، وعلى رأسها منع انتشار الإرهاب وضمان استمرار العمليات من القاعدتين العسكريتين الروسيتين في حميميم وطرطوس.

هذه التصريحات جاءت في وقت حساس، حيث يواجه النفوذ الروسي تحديات متزايدة مع ظهور قيادة جديدة في سوريا، فضلاً عن الضغوط الغربية والإقليمية لإعادة تشكيل العلاقات الدولية في المنطقة.

تصريحات بوتين: نجاحات وإنجازات أم تحديات قائمة؟
بوتين صرح بأن بلاده لم تخسر شيئًا بسقوط الأسد، بل حققت أهدافها، مشيرًا إلى أن روسيا قدمت اقتراحات للحكام الجدد في دمشق بشأن بقاء القاعدتين الروسيتين.

وأضاف أن معظم من تواصلت معهم موسكو أبدوا دعمهم لبقاء القواعد، مشددًا على أن هذا الوجود لا يهدف فقط إلى تعزيز الأمن، بل يشمل أيضًا إيصال المساعدات الإنسانية.

لكن هذه التصريحات طرحت تساؤلات عميقة حول قدرة روسيا على التأقلم مع القيادة السورية الجديدة، خاصة في ظل التحولات السياسية التي تفرضها الظروف المحلية والدولية.

روسيا تواجه تحديات جديدة في سوريا.. بوتين يؤكد التمسك بالقواعد العسكرية

الأهداف الروسية: استعادة الهيمنة وبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب
منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، وضعت روسيا أهدافًا استراتيجية واضحة:
تعزيز النفوذ الإقليمي: رأت روسيا في سوريا بوابة لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط، واستغلال موقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط.

مكانة دولية أقوى: اعتبر بوتين أن الوجود الروسي في سوريا يرسخ رؤيته لنظام عالمي متعدد الأقطاب، ويواجه الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

تحديات الوجود الروسي بعد الأسد
ورغم هذه الأهداف الطموحة، تواجه روسيا تحديات كبرى تهدد استمرار وجودها العسكري في سوريا:
الموقف الأوروبي: الاتحاد الأوروبي وضع شروطًا صارمة لأي تعاون مع سوريا بعد الأسد، تشمل إطلاق عملية سياسية شاملة وإبعاد أي نفوذ روسي أو إيراني.

السياسة الأمريكية: الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب انتقد روسيا بشدة، مشيرًا إلى أنها “فقدت اهتمامها بسوريا” بسبب تورطها في أوكرانيا. ترامب وصف روسيا وإيران بأنهما في “أضعف حالاتهما”، مشيرًا إلى أن الأزمات الاقتصادية والحرب الأوكرانية قلّصت من قدرتهما على المناورة.

روسيا تواجه تحديات جديدة في سوريا.. بوتين يؤكد التمسك بالقواعد العسكرية

الحرب الروسية-الأوكرانية: النزاع المستمر في أوكرانيا شكّل عبئًا كبيرًا على روسيا، حيث وجهت مواردها العسكرية والدبلوماسية نحو هذه الجبهة، ما قلل من قدرتها على التركيز على سوريا.

رؤية القيادة السورية الجديدة: يتوقف مستقبل النفوذ الروسي على مدى تقبل القيادة الجديدة في دمشق لاستمرار التحالف مع موسكو، خاصة أن هذه القيادة تواجه تحديات داخلية كإعادة الإعمار وإطلاق عملية سياسية جديدة.

السيناريوهات المحتملة: هل تستطيع روسيا الحفاظ على وجودها؟
في ظل هذه التحديات، يبدو أن روسيا أمام خيارات محدودة:
التكيف مع القيادة الجديدة: قد تسعى روسيا لإبرام تفاهمات مرحلية مع السلطات الجديدة في سوريا تضمن استمرار وجودها العسكري لفترة انتقالية، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.

الانسحاب التدريجي: قد تضطر روسيا لتقليص وجودها العسكري في سوريا إذا تصاعدت الضغوط الدولية، خاصة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

تعزيز الشراكات الإقليمية: يمكن لموسكو أن تسعى لتعزيز تعاونها مع دول أخرى في المنطقة لتعويض أي خسائر محتملة في سوريا.

روسيا تواجه تحديات جديدة في سوريا.. بوتين يؤكد التمسك بالقواعد العسكرية
ختامًا: النفوذ الروسي على المحك
لا شك أن سقوط نظام الأسد يمثل تحديًا كبيرًا لروسيا، التي لطالما اعتبرت سوريا ركيزة أساسية لنفوذها في الشرق الأوسط. وبينما تتغير المعادلة السياسية في سوريا،

ويبقى السؤال الأهم: هل تستطيع روسيا التأقلم مع الوضع الجديد وحماية مصالحها الاستراتيجية، أم أن الرياح الإقليمية والدولية ستفرض عليها إعادة النظر في دورها بالمنطقة؟

في الوقت الذي تواصل فيه موسكو محادثاتها مع القيادة السورية الجديدة، يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة روسيا على الحفاظ على نفوذها وسط ضغوط متعددة الجوانب، من الداخل السوري إلى الساحة الدولية.