شتاء الدم والدموع في غزة.. أطفال القطاع يموتون بردًا وجوعًا والاحتلال يحرق المستشفيات
في خيامهم المهشمة وتحت سماء غزة الملبدة بالغيوم، يواجه الفلسطينيون شتاءً قاسيًا ليس أقل فتكًا من قصف الاحتلال وحصاره المستمر.
يعيش السكان في ظروف مأساوية، في ظل تدمير البنية التحتية وغياب أدنى مقومات الحياة. وتتكرر يوميًا قصص النزوح والتشريد، ويزداد معاناة الأهالي في ظل عدوان إسرائيلي متواصل يطال المدنيين والمرافق الحيوية على حد سواء.
ظروف كارثية تحت وطأة العدوان
الشتاء هذا العام يبدو أشد قسوة على أهالي غزة، حيث تسود الأجواء الباردة والعواصف الممطرة، ولا تقدم الخيام الرثة أي حماية من البرد القارس. وعلى الرغم من هذه الظروف، يواصل الفلسطينيون معركتهم من أجل البقاء والصمود في وجه الاحتلال.
الأطفال يبكون من البرد والجوع، والنساء يئنّ من الألم، في وقت تنقطع فيه الكهرباء لساعات طويلة، مما يزيد من معاناتهم.
الأرض الموحلة تغرقهم في الوحل، والمياه الصالحة للشرب أصبحت شحيحة للغاية، ما يفاقم الأزمة الصحية في القطاع. الأمراض تتفشى في الأجواء الباردة بسبب غياب الرعاية الطبية.
إحراق مستشفى كمال عدوان: جريمة ضد الإنسانية
من بين الأحداث البشعة التي شهدتها غزة في الأيام الماضية، تبرز حادثة إحراق مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، التي تعد حلقة جديدة في مسلسل استهداف المرافق الصحية من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
في صباح أمس، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام المستشفى، حيث تم حصاره وإخراج 350 شخصًا من بينهم 75 مصابًا ومريضًا، بالإضافة إلى 180 من أفراد الكادر الطبي تحت تهديد السلاح. بعد ذلك، تم إحراق المستشفى بشكل متعمد، مما أسفر عن تدمير جزء كبير من المنشأة الطبية التي كانت تشكل أحد الأمل الوحيد للأهالي في تلك المنطقة.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل هي جزء من استراتيجية ممنهجة لقتل الأمل في قطاع غزة، والتي تشمل تدمير المستشفيات والمراكز الصحية، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى الرعاية الطبية ويعرض حياة المدنيين لخطر أكبر.
الهيئة الدولية لدعم فلسطين: جريمة إبادة جماعية مستمرة
في ظل هذا الوضع الكارثي، أكد الدكتور صلاح عبدالعاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، أن سكان قطاع غزة يتعرضون لواحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ المعاصر.
وأوضح عبدالعاطي في حديثه لـ”القاهرة الإخبارية” أن العدوان الإسرائيلي على غزة مستمر منذ أكثر من 15 شهرًا، حيث يتعرض المدنيون الفلسطينيون لقصف متواصل وهجوم على كل مقومات الحياة الأساسية.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعرقل جهود الوساطة، حيث أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أضفى على الحرب هدفًا استراتيجيًا، واستخدم المفاوضات لإطالة أمد الحرب من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وبالتالي الإبقاء على سلطته.
وأضاف عبدالعاطي أن الاحتلال الإسرائيلي تمكن من السيطرة على 40% من مساحة القطاع، ما أجبر السكان على اللجوء إلى 10% فقط من المساحة المتبقية تحت مسمى “المناطق الآمنة”، التي اعتبرها فخًا للاحتلال للقضاء على أكبر عدد من الفلسطينيين.
التدمير الممنهج للقطاع الصحي: كارثة إنسانية
في حديثه عن تدهور الوضع الصحي في قطاع غزة، أكد عبدالعاطي أن هذا القطاع يعاني من انهيار شبه كامل في الخدمات الصحية. وبحسبه، فإن مراكز الإيواء في مناطق المواصي ودير البلح والنصيرات التي تضم نحو 700 إلى 800 ألف فلسطيني، أصبحت ملاذًا للموت ببطء.
ومع شح الأدوية وتدمير المرافق الصحية، يتعرض العديد من المرضى لخطر الوفاة بسبب الأمراض الموسمية المنتشرة في فصل الشتاء، التي تتفشى بسرعة في ظل الظروف القاسية.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمر 80 مركزًا صحيًا، وأخرج 34 مستشفى عن الخدمة، بما في ذلك مستشفى كمال عدوان الذي تم إحراقه. وتعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تدمير القطاع الصحي بشكل كامل في غزة، مما يزيد من معاناة المدنيين.
الاحتلال يواصل تدمير القطاعات الحيوية
تستمر إسرائيل في تنفيذ خطة ممنهجة تهدف إلى تدمير كافة القطاعات الحيوية في غزة، بدءًا من تدمير البنية التحتية وصولًا إلى تدمير المرافق الخدمية الأساسية مثل المستشفيات والمدارس. في هذا السياق، يُظهر العدوان المستمر أن الهدف الأساسي للاحتلال ليس فقط احتلال الأرض، بل قتل الحياة نفسها في غزة.
صمت المجتمع الدولي: هل من تحرك؟
ورغم تزايد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يظل المجتمع الدولي صامتًا تجاه هذه الجرائم ضد الإنسانية. بينما تستمر جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، يبقى العالم غارقًا في صمته، مما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يواجه الموت البطيء على يد قوات الاحتلال.
بينما تستمر الجهود الدولية في التلكؤ، تظل غزة في قلب الكارثة الإنسانية الكبرى التي تحتاج إلى تحرك عاجل لإنقاذ ما تبقى من حياة في هذا القطاع المكلوم.
تعليقات 0