13 أبريل 2025 04:03
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

شم النسيم … من احتفالات الفراعنة إلى فرحة المصريين اليوم

في رحلة عبر الزمن، تكشف سلسلة “حكايتنا من قلب التاريخ” التي يقدمها عالم الآثار المصري الدكتور مصطفى وزيري، عن إحدى أقدم وأهم التقاليد التي نشأت في قلب الحضارة المصرية القديمة، والتي ما زالت حية في وجدان المصريين حتى اليوم: عيد شم النسيم.

هذا العيد الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 4500 عام، يمثل رمزًا للبعث والتجدد، وقد تطور من طقوس دينية قديمة إلى احتفال شعبي ووطني يجمع المصريين على اختلاف دياناتهم.

عيد شم النسيم، الذي كان يُعرف في مصر القديمة بـ”عيد شمو”، ارتبط ارتباطًا وثيقًا بموسم الربيع، وهو وقت الاعتدال الربيعي الذي يتساوى فيه الليل مع النهار. هذا التوقيت كان يحمل في طياته معاني الحياة والتجدد، حيث كانت الأرض تبدأ في الانبعاث بعد موسم الشتاء. وقد ارتبط العيد أيضًا بالمعبود رع، إله الشمس، الذي كان يُعتقد أنه يبعث الحياة في الأرض والنباتات.

ومن خلال طقوسه التي تشمل تناول البيض الملون والفسيخ (السمك المملح)، كان عيد شم النسيم يمثل فكرة الخلق والانبعاث. فقد اعتقد المصريون القدماء أن الإله بتاح، خالق الكون، قد أوجد العالم من بيضة كونية، لذلك أصبح البيض رمزًا أساسيًا لهذا العيد. وكان الفسيخ، الذي ارتبط بالمعبودة حتحور، يقدم كقرابين دينية، بينما كانت الخضروات مثل البصل والخس تضاف كرموز للخصوبة والحماية من الأرواح الشريرة.

أخبار تهمك

الجارديان تكشف التناقضات الإسرائيلية: من مقتل المسعفين إلى شيرين أبو عاقلة - 1 - سيناء الإخبارية

الجارديان تكشف التناقضات الإسرائيلية: من مقتل المسعفين إلى شيرين أبو عاقلة

دار الكتب والوثائق القومية تحتفل بمرور 155 عامًا على إنشائها: رحلة من الإبداع والحفاظ على التراث - 3 - سيناء الإخبارية

دار الكتب والوثائق القومية تحتفل بمرور 155 عامًا على إنشائها: رحلة من الإبداع والحفاظ على التراث

ورغم مرور العصور وتغير المعتقدات، فقد استمر الاحتفال بعيد شم النسيم من العصور الفرعونية إلى العصر المسيحي والإسلامي، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية الوطنية للمصريين. ففي العصر المسيحي، تغير موعد العيد ليوافق عيد القيامة، بينما ظلّت طقوسه الرمزية كما هي، بما في ذلك الاحتفال بتناول البيض والفسيخ. ومع دخول الإسلام إلى مصر، استمر العيد كمناسبة قومية يحتفل بها الجميع.

سلسلة “حكايتنا من قلب التاريخ” تسلط الضوء على كيف أن شم النسيم، وهو واحد من أقدم الأعياد التي لا تزال تُحتفل بها الإنسانية، يمثل رابطًا حيويًا بين المصريين القدماء وأحفادهم في العصر الحديث. يروي الدكتور مصطفى وزيري كيف أن هذا العيد يعكس فهم المصريين العميق للطبيعة وارتباطهم الوثيق بالأرض، وكيف أن طقوسه ما زالت تُمارس حتى اليوم، مشيرة إلى استمرارية الثقافة المصرية التي تعود إلى آلاف السنين.

بذلك، يصبح عيد شم النسيم أكثر من مجرد احتفال موسمي، بل هو طقس عميق الجذور يعبر عن الهوية الثقافية لمصر، ويثبت أن من صنع الحضارة قادر على حملها عبر العصور والأزمان.