صحة المرضى فى داهية …اللائحة الجديدة للمستشفيات الحكومية ليست فى صالح المريض وتزيد من معاناته 

5 يوليو 2024
صحة المرضى فى داهية …اللائحة الجديدة للمستشفيات الحكومية ليست فى صالح المريض وتزيد من معاناته 

 

تتزايد معاناة المرضى مع أزمة اختفاء ونقص الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني مؤخرا ، حيث برزت مأساة جديدة يعيشها المرضى الفقراء ومحدودو الدخل، تهدد حياتهم وتمثل خطرا حقيقيا على صحتهم،  تتمثل في قرار وزير الصحة دكتور خالد عبد الغفار بشأن رفع أسعار جميع الخدمات العلاجية التي تقدمها المستشفيات العامة والوحدات الصحية ، ورفع أسعار العمليات الجراحية وخدمات الأسنان والآشعات والتحليل الطبية وتحميل المريض الفقير 70% من التكلفة،  وصرف صنف دواء واحد مجاني .

فقامت المستشفيات الحكومية بتطبيق اللائحة الجديدة للمستشفيات، والتي تقضى بتقليص نسبة أسرة العلاج المجاني بالمستشفيات إلى 25%،وتحميل المواطنين غير القادرين نحو 70 % من قيمة العلاج، حيث أصدر وزير الصحة ، ووزير التنمية المحلية في مارس الماضي،  لائحة جديدة للمستشفيات ومراكز الخدمات العلاجية والوحدات الصحية ومكاتب الصحة، تتضمن زيادة الموارد المالية الذاتية للمنشآت الصحية لصالح صندوق لتحسين الخدمة بكل منها.

وتضمنت اللائحة إعادة تسعير الخدمات الصحية التي تقدمها المنشآت الصحية الحكومية التابعة للوزارتين، باستثناء التطعيمات الإجبارية للأطفال والطوارئ ومبادرات الصحة العامة التي ما زالت بالمجان.

بنود اللائحة

تضمنت اللائحة التي أصدرها الوزيران برقم 75 لسنة 2024 ونشرتها جريدة الوقائع المصرية ، رفع أسعار تذاكر العيادات الصباحية من جنيه إلى عشرة جنيهات في المستشفيات العامة، وخمسة جنيهات في الوحدات الصحية، على أن يجوز مضاعفة كل منها خمس مرات، بعد موافقة مديرية الصحة المختصة ,وبالإضافة إلى تقليص نسبة العلاج المجاني بالمستشفيات العامة من 60% في اللائحة القديمة، إلى 25% في اللائحة الجديدة، ونصت اللائحة على المستحقين للعلاج المجاني في تلك المستشفيات، وحصرتهم في ست فئات هم: الحاصلون على معاش تكافل وكرامة، والمعاقون حاملو بطاقات الخدمات المتكاملة، وأسر شهداء ومصابي الجيش والشرطة. وهذه الفئات، وفقًا للائحة، تحصل على العلاج دون أي إجراءات. أما باقي وهم: من لا يتمتعون بنظام تأمين صحي أو رعاية صحية، وحالات الطوارئ والحوادث التي تتطلب التدخل السريع لإنقاذ حياة المريض، أو من يخشى تفاقم حالته، فاشترطت اللائحة حصولهم على توصية من لجنة البحث الاجتماعي بالمستشفى وموافقة لاحقة من مدير المستشفى.

وبخلاف تلك الفئات، لم تحدد اللائحة الجديدة أي آلية لعلاج غير القادرين ماديًا باستثناء سلطة مدير المستشفى في منحهم خصم لا يتجاوز 30% من تكاليف الخدمة بعد خصم قيمة الأدوية والمستلزمات.

بعد إصدار اللائحة واستنادًا إليها، أصدر وزير الصحة، في 5 مارس الجاري، قرارًا بقصر صرف العلاج للمترددين على العيادات الخارجية بالمنشآت الصحية الحكومية على صنف واحد مجاني من قائمة الأدوية الأساسية الموصوفة له.

التأمين الصحي

وكما ارتفعت أسعار الخدمات الطبية وتذاكر الكشف بالعيادات الخارجية وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي على زيادة رسوم الخدمات المقررة بهيئة التأمين الصحي ، حيث أصدر الدكتور محمد ضاخي رئيس هيئة التأمين الصحي القرار رقم 200 لسنة 2024 بشأن تعديل بعض الرسوم المقررة بالهيئة العامة للتأمين الصحي مقابل بعض الخدمات المقدمة حيث زاد رسم الكشف بالعيادة 5 جنيهات لدى ممارس أو أخصائي أو استشاري للطلبة والمرأة المعيلة الباقي الفئات وصل إلى10 جنيهات وذلك بدلا الكشف مجانا مقابل شراء طابع بجنيه واحد ، وارتفع سعر طباعة أفلام الأشعة المقطعية أو الرنين إلى 20 جنيها للفيلم الواحد بدلا من 12 جنيها ،وأكد عدد من المترددين على العيادات أن أحيانا يقوم الفني بطباعة أفلام تصل إلى 10 و12 فيلم في الإجراء الواحد وهذا يعنى أن الأشعة ممكن تتكلف أكثر 200 و250 جنيها ،كما زاد رسم الزيارة المنزلية إلى 100 جنيها و التقارير الطبية للمنتفعين بالتأمين الصحي 50 جنيها,والتقارير الطبية لغير المنتفعين بالتامين الصحي 100 جنيها،ورسم جلسة العلاج الطبيعي وتخاطب وعلاج نفسي 20 جنيها، ورسم الإقامة بالمستشفي 20 جنيها في اليوم بحد أقصي 10 أيام ، ورسم استخراج كارنيه للمواليد 10 جنيهات ،من ناحية أخرى تم تحميل المواطنين نسبة من أسعار الأدوية الموصوفة لهم.

معاناة المرضى

مأساة إنسانية تتجاوز حدود الواقع يعيشها المرضى الفقراء خاصة الذين لا يعملون لدى الجهات والمؤسسات والهيئات والشركات التابعة للحكومة وأيضاً الذين لا يتمتعون بمظلة التأمين الصحي .. هؤلاء المواطنون عندما يصيبهم المرض لا يستطيعون دخول أحد المستشفيات الحكومية إلا بعد دفع ٧٠% من قيمة الخدمات او العمليات التي ستقدم ..

فقد قامت المستشفيات برفع أسعار تذاكر العيادات الخارجية وجميع أسعار الخدمات الطبية التي تقدم للمرضى حيث ارتفع سعر تذكرة العيادة الخارجية من جنيه واحد إلى 5 جنيهات بالوحدات الصحية، و10 جنيهات في المستشفيات، وبعد مواعيد العمل الرسمية زاد سعر التذكرة في بعض المستشفيات إلى 15و20 جنيها بدون صرف أي أدوية مجانية..

وطبقت المستشفيات زيادة سعر التذكرة دون طبع تذاكر جديدة حيث علقت بعض المستشفيات ورقة على شباك التذاكر مدون عليها السعر الجديد في حين أن التذكرة مكتوب عليها جنيه واحد .

كما تم تطبيق قرار صرف علاج واحد مجاني من قائمة الأدوية الموصوفة لهم على التذكرة، وباقي الأدوية إما أن يدفع المريض سعرها أو يقوم الصيدلي بكتابة الاسم التجاري لها في ورقة خارجية ليقوم المريض بشرائها من الخارج .

كما أثار قرار قصر العلاج المجاني على صنف واحد غضب الكثير من المرضى الفقراء الذين يذهبون إلى المستشفيات الحكومية أملا في الحصول على العلاج المجاني، فأغلبهم لا يملكون سعر تذكرة العلاج فكيف يتحملون أسعار العلاج …ويكفى طوابير الزحام أمام شبابيك الصيدليات بأي مستشفى حكومي كافية أن تجسد معاناة المرضى الذين يذهبون يتوسلون من الحكومة حقهم في العلاج ..

وتعليقا على ذلك أكد د. حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان في بيان له أن القرار يهدف إلى وضع قواعد تلزم المستشفيات الحكومية بصرف الأدوية الأساسية للمرضى، ومن ثم تعظيم استفادة المريض من الدواء،  مشيرا إلى أن القرار لا يشمل أصحاب الأمراض المزمنة، سواء الذين يحصلون على أدويتهم عبر التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، وقال إن هؤلاء سيحصلون على أدويتهم كالمعتاد، حيث أن القرار لن يطبّق أيضاً على حالات الطوارئ.

كما أوضح عبد الغفار أن القرار يشمل فقط المترددين على العيادات الخارجية بالمستشفيات والمراكز الطبيّة التابعة للوزارة، مشيراً إلى أنهم سيحصلون على الدواء الأساسي مجاناً بالإضافة إلى خصم نسبته 15% على بقية الأدوية التي تُصرف من صيدليات المستشفيات الحكومية.

قرار خاطئ

ووصف الدكتور إيهاب الطاهر،أمين عام نقابة الأطباء السابق، قرار وزير الصحة بالاقتصار على صرف دواء واحد فقط مجانا بالعيادات بأنه قرار خاطئ في وقت عصيب، وتغول على حقوق غير القادرين في العلاج مشيرا إلى انه سيتسبب في إضافة معاناة جديدة على المواطنين غير القادرين في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة و وغلاء أسعار الأدوية .وطالب وزير الصحة بإلغاء هذا القرار رأفة بالمواطن غير القادر.

انتهاء العلاج المجاني

وأكد محمود فؤاد،  مدير جمعية الحق في الدواء،  أن القرار ٩٥ من اللائحة ٧٥ بشأن القواعد المنظمة للعلاج بأجر . أدى إلى تغيير في فلسفة العلاج المجاني ، وحرم الملايين من غير القادرين من حقهم في العلاج المجاني .

وأكد أن اللائحة حددت أربع فئات من حقها العلاج المجاني وهم تكافل وكرامه ومصابي العمليات الإرهابية أو اسر المفقودين أو بحث اجتماعي أو تكون منتفع بالتأمين الصحي،  أما باقي الفئات فلهم 25% من الأسرة فقط ,مشيرا إلى أن الفلسفة الجديدة للمستشفيات تقوم على أن الخدمة الصحية تقدم بسعر اقتصادي وليس خدمه مجانية كما كان إلا للفئات المذكورة سابقا ، أما ال 75٪ من إجمالي الخدمات داخل المستشفي يتم حسابها من صندوق ( المنتفعين بالتأمين الصحي ) أو ( صندوق نفقه الدولة بشرط أن يكون لك الحق في الانتفاع بها حسب الشروط المستحقة التي حددتها الدولة لنفقه الدولة )،  غير ذالك سيتم تقديم ( الخدمات بالتسعير الجديد، وبالتالي سيتم حرمان ملايين من العمالة غير المنتظمة والعاملين بالمحال الخاصة بدون عقود وهؤلاء بالملايين والباعة و الصحفيين في صحف خاصة أو غيرهم بدون عقود رسميه ) ، وسيتم تقديم الخدمة بالحساب الجديد مثلا خلع الضرس ب ٢٥٠ جنيه أو فتح غرفه العمليات بسعر والمحاليل بسعر والأشعة بسعر..

وأضاف في حاله مريض ليس على نفقة الدولة أو غير تابع للتأمين الصحي حددت اللائحة أن يقوم المريض بدفع ٧٠٪ مقدما في حاله العلاج الداخلي وهناك حاله استثناء ( أن يقدم الطبيب أو الإدارة تعهد بدفع المبلغ بعد تقديم الخدمات وفي حاله رفض المريض دفع الحساب يتم الخصم من المتعهد . كما لا يجوز خروج المريض من المستشفي قبل تسديد كامل نفقاته كما تفعل المستشفيات الخاصة..

و تسأل ” فؤاد ”  عن دور الإعلام والمجالس النيابية من هذه المأساة،  مشيرا إلى أن قرار اقتصار العلاج المجاني على صنف واحد جاء ضمن قرار أشمل أصدره الوزير بشأن تسعير الخدمات الصحية حيث تضمن القرار زيادة أسعار الخدمات الطبية التي تقدم للمريض سواء في المستشفيات الحكومية أو الوحدات الصحية .

وتابع أن الدستور نص في المادة رقم 18 على الحق المواطن الكامل في الصحة ,فكيف يذهب المريض إلى مستشفى حكومي ويدفع مقابل الخدمة والدكتور يكتب له 4 أصناف من الأدوية ، ويتم صرف صنف واحد فقط ..ويصف هذا القرار بأنه ظالم ومتعسف ، كما أن رفع سعر التذكرة إلى 10 جنيهات كتير على كثير من فقراء هذا الوطن ..

وقال : ”  يكفى أن يذهب المرء إلى احد المستشفيات الحكومية الساعة السادسة صباحا ليشاهد طوابير من البشر علشان يفوزوا بتذكره مجانيه وأمام شباك الصيدليه نرى مشهد مهين لينا وعلينا ضرب ورفس وعياط سيدات واطفال علشان صنف من الدواء”  .

وأكد أن هذا القرار سيؤدى إلى مزيد من الأعباء على المواطنين غير القادرين الذين يذهبون إلى المستشفيات الحكومية لأنهم غير مشتركين في التأمين الصحي فهناك نحو 39% من المصريين لا تشملهم مظلة التأمين الصحي.

بحث اجتماعي

أما قصر العلاج المجاني على 25%فقط من المستشفيات أما ال 75% من المستشفيات الحكومية البالغ عددها ٦٦٧ مستشفي للعلاج بأجر سواء للتأمين الصحي أو على نفقة الدولة اعتبره البعض بداية لخصخصة المستشفيات الحكومية ، حيث يصبح العلاج لمن يستطيع أن يدفع واللى ممعهوش من الفقراء ومحدودي الدخل فيحتاجون في رأى د”محمود فؤاد ”  قبل (مرضهم ) أو الذهاب للمستشفيات أن يبحثوا علي أقرب لجنه (بحث اجتماعي ) ليتم علاجهم !

كما إن القرار أعطى مجالس إدارات المستشفيات حق التعاقد مع جهات خارجية لتقديم الخدمة أو للأمن أو الصيانة ..

وتابع قائلا: ” أن الانضمام في مجلس إدارة المستشفيات المفترض أنه عمل تطوعي ولكن وفقا للائحة الجديدة أصبح عمل بأجر ..واللائحة قلصت من صلاحيات مديريات الصحة لصالح مجلس الإدارة ، ومنحت كل مجلس الحق في اتخاذ قرارات لزيادة موارد المستشفى بهدف الربح بمعزل عن باقي المستشفيات مؤكدا أن المستشفيات الحكومية بنيت من أموال الضرائب التي يدفعها الشعب لتوفير خدمة طبية لفقراء هذا الوطن وليس من بين أهدافها الربح فيكف يتم حرمانه من فرص العلاج بها وكيف يتم مشاركة القطاع الخاص فيها ؟!

وأكد أن هذه اللائحة تؤكد أن الحكومة عاجزة عن إدارة المستشفيات والوحدات الصحية نتيجة لعدم وجود تمويل وميزانية كافية ولذلك نجدها تتهرب من مسئوليتها أمام الشعب والدستور والقانون والمواثيق والمعاهدات الدولية ، وتسمح للقطاع الخاص للدخول وتقديم خدماته في تلك المستشفيات وزيادة حصته على حساب المرض الفقراء.

وطالب مدير الحق في الدواء بضرورة إيقاف تنفيذ هذا القرار ، وأن يتدخل مجلس النواب ومجلس الشيوخ ويتم نقاش مجتمعي حوله، مؤكدا أن جمعية الحق في الصحة ستقوم بالتجهيز لرفع دعوي أمام مجلس الدولة وإرسال مذكرة لرئاسة الجمهورية وللجهات الرسمية والمجالس النيابية لوقف تنفيذ القرار .