صفقات سرية بين أمريكا وإسرائيل في ظل الحرب على غزة.. سندات بـ5 ملايين دولار لصالح الكيان

26 يوليو 2024
بايدن و نتنياهو
بايدن و نتنياهو

كشف تحقيق استقصائي مثير للجدل عن صفقات مالية سرية بين بعض الولايات الأمريكية وإسرائيل، حيث قامت هذه الولايات بشراء كميات كبيرة من السندات الإسرائيلية، وذلك في وقت تشهد فيه المنطقة توترات سياسية وأمنية متصاعدة.

وأظهر التحقيق وجود علاقات وثيقة بين مسؤولين أمريكيين وشركة سندات إسرائيل، مما سهل عملية إبرام هذه الصفقات بسرعة كبيرة. ففي بعض الحالات، تمت الموافقة على شراء السندات في غضون دقائق معدودة، مما يدل على وجود ترتيبات مسبقة وتسهيلات إجرائية غير عادية.

وما زاد من حدة الشكوك حول هذه الصفقات هو توقيتها الذي تزامن مع تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة بعد اندلاع عملية “طوفان الأقصى”. هذا التوقيت أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الاستثمارات، وهل هي مجرد استثمارات مالية أم أنها تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية.

واستغل العديد من المسؤولين الأمريكيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري هذه الاستثمارات للتعبير عن دعمهم لإسرائيل، الأمر الذي يعكس عمق العلاقات بين البلدين. من جانبها، استفادت إسرائيل من هذه الاستثمارات في تمويل عجز ميزانيتها المتزايد بسبب الصراع المستمر.

ويكشف التحقيق أنه ىفي أغسطس 2023، أرسل مدير تنفيذي في شركة السندات الإسرائيلية بريدًا إلكترونيًا إلى مكتب وزير الخزانة في ولاية أوهايو، يعرض فيه بيع سندات إسرائيلية بقيمة 5 ملايين دولار. وخلال أقل من 40 دقيقة، وافق مكتب وزير الخزانة في أوهايو على الصفقة، مما رفع إجمالي مشتريات الولاية من السندات الإسرائيلية إلى 35 مليون دولار في ذلك العام.

وفقًا لمجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والسجلات التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، تمت الصفقة بين طرفين تربطهما علاقات ودية للغاية. في الوقت الذي كان يخصص فيه وزير الخزانة في أوهايو، الجمهوري روبرت سبرج، ملايين الدولارات من أموال الولاية لشراء السندات، كان ينسق أيضًا مع فريق تطوير الأعمال لشركة سندات إسرائيل للانضمام إلى رحلة إرشادية حصرية إلى إسرائيل، المقرر إجراؤها في وقت لاحق من ذلك العام.

بعد ستة أسابيع من شراء وزير الخزانة في أوهايو سندات بقيمة 5 ملايين دولار، نفذت الفصائل الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى” في مستوطنات غلاف غزة، مما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة. في هذا السياق، قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن تمويلًا بمليارات الدولارات ومساعدات عسكرية لإسرائيل عبر الكونجرس، في حين أظهرت العديد من حكومات الولايات والحكومات المحلية دعمها من خلال الاستثمار في السندات السيادية التي تصدرها إسرائيل.

شركة سندات إسرائيل، الضامن الأمريكي لسندات الدين الصادرة عن إسرائيل، أفادت بأنها باعت أكثر من 3 مليارات دولار من السندات في جميع أنحاء العالم منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المتوسط السنوي. ومنذ بداية الحرب، اشترت الولايات والبلديات الأمريكية سندات إسرائيلية بقيمة 1.7 مليار دولار على الأقل، حيث تباهى المسؤولون الديمقراطيون والجمهوريون بدعمهم لإسرائيل من خلال هذه الاستثمارات.

وفقًا لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، كانت حكومات الولايات مثل فلوريدا وإنديانا وأوهايو من المشترين المتحمسين مؤخرًا. تُباع هذه السندات مباشرة للمستثمرين الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، وأصبحت جزءًا بارزًا من التمويل الخارجي للبلاد، مما يساعد في دعم عجز الميزانية الذي تضخم بسبب الإنفاق العسكري.

وتظهر الوثائق التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين الجهود المكثفة التي تبذلها شركة سندات إسرائيل لاستقطاب المسؤولين الأمريكيين، حيث تتضمن رسائل بريدية شخصية للغاية وحفلات عشاء فخمة واحتفالات كوكتيل واجتماعات خاصة مع كبار القادة الإسرائيليين. يقول ناثان ميلر، المتحدث باسم شركة سندات إسرائيل، إن السندات تعتبر استثمارًا آمنًا وإن بناء علاقات مع العملاء جزء مهم للحفاظ على الاستمرارية إذا تغير صناع القرار الرئيسيون.

ورغم أن شراء السندات الحكومية عادة ما يكون عملية مباشرة، يرى خبراء الأخلاقيات أن بعض المسؤولين الحكوميين ربما تجاوزوا الخط الأخلاقي في تعاملاتهم مع سندات إسرائيل. يعارض النشطاء المؤيدون لسحب الاستثمارات من إسرائيل، بما في ذلك منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، هذه الاستثمارات على أساس أن الأموال قد تُستخدم لتمويل الحرب على غزة.

واجهت هذه الصفقات انتقادات واسعة من قبل النشطاء المدافعين عن القضية الفلسطينية، الذين يرون فيها تمويلاً غير مباشر للاحتلال الإسرائيلي. كما أثار هذا الأمر تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في التعاملات المالية الحكومية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة مثل الصراعات الإقليمية.