ضربة موجعة للأمن الغذائي العالمي.. روسيا تضيق الخناق على صادرات الحبوب وترفع مستويات التضخم دوليًا

منذ 3 ساعات
الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

في خطوة أثارت قلق الأسواق العالمية، أعلنت روسيا في 19 أكتوبر الجاري عن رفع الرسوم الجمركية على صادرات الحبوب الرئيسية، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ في 23 أكتوبر 2024، ومن المتوقع أن يضع أعباءً إضافية على الدول المستوردة التي تعتمد بشكل أساسي على الحبوب الروسية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من التعديلات التي أجرتها روسيا على ضريبة صادرات الحبوب في السنوات الأخيرة، حيث تهدف لمواكبة التغيرات في الأسواق العالمية، فيما يُظهر انعكاسات سلبية واضحة على الدول المستوردة.

ضربة موجعة للأمن الغذائي العالمي.. روسيا تضيق الخناق على صادرات الحبوب وترفع مستويات التضخم دوليًا

الميزة التنافسية لصادرات الحبوب الروسية

تتمتع روسيا بمكانة رئيسية في سوق الحبوب العالمي، حيث تشكل صادراتها نسبة كبيرة من إجمالي صادرات الحبوب العالمية. في عام 2023، بلغت صادرات روسيا من الحبوب حوالي 58 مليون طن، متجاوزةً صادرات أوكرانيا التي سجلت 32 مليون طن، وكازاخستان التي لم تتجاوز 9 ملايين طن.

وتعكس هذه الأرقام هيمنة روسيا على سوق الحبوب، خاصة مع ارتفاع حجم إنتاجها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، والذي بلغ 82 مليون طن من القمح و17.5 مليون طن من الشعير و13 مليون طن من الذرة في العام التسويقي 2024/2025.

وتعد الحبوب الروسية مفضلة من قبل الدول المستوردة بفضل جودتها وسعرها التنافسي، حيث يُقدر سعر طن القمح الروسي بحوالي 236 دولارًا في ميناء الإسكندرية، مقارنة بسعر القمح الأوكراني البالغ 245 دولارًا.

هذه الميزة السعرية جعلت روسيا المصدر الأكبر للحبوب، حيث تستحوذ وحدها على 24% من السوق العالمي، متقدمة على الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والولايات المتحدة.

الانعكاسات الاقتصادية لرفع الرسوم الجمركية على الحبوب

يأتي هذا القرار الروسي برفع الرسوم الجمركية كتحذير صريح للدول المستوردة، التي ستكون مجبرة على تحمل تكاليف استيراد أعلى، لا سيما الدول العربية التي تعتمد بشكل كبير على روسيا لتلبية احتياجاتها من الحبوب.

ضربة موجعة للأمن الغذائي العالمي.. روسيا تضيق الخناق على صادرات الحبوب وترفع مستويات التضخم دوليًا
روسيا تحظر تصدير القمح

في الربع الأول من العام الزراعي 2023-2024، احتلت مصر المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للقمح الروسي بواقع 2.031 مليون طن، تلتها تركيا بـ 2.057 مليون طن، وإيران في المرتبة الثالثة. ومع تنفيذ القرار الجديد، سترتفع تكلفة استيراد القمح الروسي بمقدار 22.27 دولارًا للطن المتري، ما سيشكل ضغطًا هائلًا على موازنات الدول المستوردة ويؤدي لزيادة التكاليف.

تأثير القرار على الأمن الغذائي والتضخم

تشكل هذه الخطوة الروسية تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي في الدول النامية، التي يعتمد الكثير منها على الحبوب الروسية لتحقيق الاكتفاء الغذائي. مع استمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية، وخاصة الحرب الروسية الأوكرانية، سجلت أسعار الغذاء العالمي ارتفاعًا من 95.1 نقطة في عام 2019 إلى 124.4 نقطة في سبتمبر 2024، مما زاد من ضغوط الأمن الغذائي على الدول المستوردة التي أصبحت أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية.

من جانب آخر، يشكل القرار الروسي محفزًا لارتفاع مستويات التضخم في دول عديدة، وخاصة الدول التي تعتمد على الحبوب الروسية لتلبية طلبها المحلي.

فقد سجل معدل التضخم في تركيا 49.1% وفي مصر 26.4% خلال سبتمبر 2024، ومع تنفيذ القرار الروسي، من المتوقع أن تزداد ضغوط التضخم بسبب ارتفاع تكاليف المواد الغذائية الأساسية.

ضربة موجعة للأمن الغذائي العالمي.. روسيا تضيق الخناق على صادرات الحبوب وترفع مستويات التضخم دوليًا

ختامًا

يُظهر القرار الروسي بزيادة الرسوم الجمركية على الحبوب انعكاسات واسعة على اقتصادات الدول المستوردة، التي باتت تواجه صعوبات متزايدة في تحقيق الأمن الغذائي وسط ارتفاع التضخم وعجز الميزانيات. قد تكون إحدى الحلول الفعالة لهذه الدول هي تعزيز تعاونها مع تكتلات اقتصادية كالبريكس، لفتح آفاق تجارية تقلل من الضغوط المالية المتزايدة، وتسهم في تخفيف تداعيات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.