غزة بين مطرقة الحصار وسندان الخلاف بين إسرائيل وحماس.. مفاوضات شاقة على حافة الهاوية
ينما تعيش غزة تحت وطأة قصف مستمر وحصار خانق، وفي ظل سقوط المزيد من الضحايا يوميًا، تتسارع الجهود الدولية والمحلية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.
ومع ذلك، فإن الطريق نحو تهدئة شاملة لا يزال مليئًا بالعراقيل، إذ تستمر الاتهامات المتبادلة بين حماس وحكومة الاحتلال، مما يعكس مدى تعقيد هذا الصراع الذي تجاوز حدود المواجهة المسلحة ليتحول إلى معركة سياسية ودبلوماسية، يدفع ثمنها أهل غزة المدنيين.
حماس تتهم إسرائيل بوضع شروط جديدة
في بيان أصدرته حركة حماس، الأربعاء، أوضحت الحركة أن المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين تواجه تحديات كبيرة بسبب ما وصفته بـ”الشروط الجديدة” التي وضعتها إسرائيل.
وأكدت الحركة أن هذه الشروط تتعلق بملفات الانسحاب من غزة وعودة النازحين، وهو ما أدى إلى تأجيل الاتفاق المتوقع.
وأضاف البيان أن الحركة أبدت مرونة كبيرة في التفاوض وتنازلت عن بعض المطالب لضمان التوصل إلى حل سريع يخفف من معاناة الشعب الفلسطيني، إلا أن إسرائيل استمرت في فرض شروط جديدة، ما جعل المفاوضات أكثر تعقيدًا.
رد إسرائيل: حماس تعطل المفاوضات
على الجانب الآخر، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانًا يتهم حركة حماس بالتراجع عن التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقًا.
وجاء في البيان أن حماس “تخلق صعوبات جديدة أمام المفاوضات”، مؤكدًا أن إسرائيل ستواصل العمل دون كلل لإعادة جميع المحتجزين من قطاع غزة.
وأشار البيان الإسرائيلي إلى أن الحكومة ملتزمة بضمان أمن مواطنيها ولن تقبل بأي حلول جزئية لا تلبي احتياجاتها الأمنية.
تفاصيل الخلافات.. تبادل الاتهامات حول الأسرى والمحتجزين
وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن حركة حماس رفضت تقديم قائمة بأسماء المحتجزين الذين سيُفرج عنهم في إطار المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادرها أن الحركة عادت لتطالب بإنهاء الحرب بشكل كامل كشرط أساسي للتقدم في المفاوضات، وهو ما أثار استياء الجانب الإسرائيلي.
في المقابل، أكدت مصادر فلسطينية أن إسرائيل لم تظهر جدية في المفاوضات، خاصة فيما يتعلق بملفات الحصار وعودة النازحين.
الوساطات الدولية.. جهود في ظل أجواء متوترة
تلعب الوساطات الدولية دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، حيث تدخلت عدة دول وجهات دولية لتسهيل المفاوضات وضمان عدم انهيارها. ومع ذلك، تبدو المهمة صعبة للغاية بسبب تباين المواقف بين الطرفين.
تصريحات حماس: اتفاق شامل لإنهاء الحرب
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن قيادي في حركة حماس قوله إن الاتفاق المتوقع يتضمن وقفًا تدريجيًا لإطلاق النار، يعقبه انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وأشار القيادي إلى أن الاتفاق سيشمل أيضًا صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين، مع ضمانات دولية لإنهاء الحرب بشكل دائم.
وأضاف القيادي أن هناك نقاطًا عالقة في المفاوضات تتعلق ببعض التفاصيل الفنية، لكنها لا تمثل عائقًا كبيرًا أمام التوصل إلى اتفاق شامل. وأكد أن الحركة ملتزمة بتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، لكنها لن تقبل بأي حلول تضر بمصالحها الاستراتيجية.
إسرائيل تستعد لبحث نتائج المفاوضات
من المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي (الكابينيت)، الخميس، لمناقشة نتائج المفاوضات. وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن الاجتماع سيبحث أيضًا التداعيات الأمنية والاقتصادية لأي اتفاق يتم التوصل إليه مع حماس.
أبعاد إقليمية ودولية للصراع
يمتد تأثير الصراع بين حماس وإسرائيل إلى ما هو أبعد من الحدود الفلسطينية والإسرائيلية، حيث تتداخل فيه مصالح قوى إقليمية ودولية. فدول المنطقة، بما في ذلك مصر وقطر، تلعب دور الوسيط في محاولة لإنهاء الأزمة، بينما تسعى قوى دولية مثل الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى دفع الطرفين نحو التوصل إلى تهدئة مستدامة.
ومع ذلك، يبدو أن لكل طرف أجندته الخاصة، ما يعقد الجهود الدولية ويزيد من تعقيد المشهد.
ما بين الأمل واليأس.. هل ترى التهدئة النور؟
مع دخول المفاوضات مراحلها الأخيرة، يظل التساؤل الأكبر: هل سينجح الطرفان في تجاوز الخلافات والتوصل إلى اتفاق شامل يضع حدًا للدمار والمعاناة في غزة؟
بالرغم من الصعوبات، تبقى الآمال معلقة على الوساطات الدولية والضغوط الإقليمية لتحقيق اختراق حقيقي في المفاوضات. وحتى ذلك الحين، يظل الشعب الفلسطيني في غزة ينتظر بفارغ الصبر نهاية هذا الكابوس المستمر منذ سنوات طويلة.
تعليقات 0