نتائج زيارة حفتر للقاهرة.. خطوات مصرية حثيثة لدعم استقرار ليبيا وبناء مؤسساتها الوطنية

اكتسبت زيارة المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، إلى القاهرة في 18 يناير 2025، أهمية استثنائية، إذ عكست مدى عمق التعاون بين الجارتين ورؤية مصر الاستراتيجية تجاه دعم استقرار ليبيا والحفاظ على وحدتها.

الدور المصري المحوري في دعم ليبيا
على مدار السنوات الماضية، حرصت مصر على اتخاذ موقف متوازن تجاه الأزمة الليبية، مرتكزة على مبادئ ثابتة تستهدف الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وحمايتها من التدخلات الخارجية التي تسعى لتأجيج الصراع واستغلال مواردها.

وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية، توّجت بجهود مصرية مكثفة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، بما يضمن استعادة ليبيا لمكانتها الإقليمية كدولة موحدة ومستقرة.

الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه المشير خليفة حفتر، أكد أن مصر ستواصل بذل كل ما في وسعها لدعم استقرار ليبيا، مشددًا على أهمية صياغة رؤية سياسية ليبية مشتركة تسهم في تسريع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، بما يضمن إنهاء حالة الانقسام الداخلي.

أخبار تهمك

البرد القارس يجبر واشنطن على نقل تنصيب ترامب إلى داخل الكونجرس.. الرئيس الجديد يتعلم من التاريخ

هشام الحسيني.. من داعم لغزو العراق إلى أول رجل مسلم يتحدث في حفل تنصيب رئيس أميركي

ثوابت السياسة المصرية تجاه ليبيا
1. الحفاظ على وحدة الدولة الليبية
يشكل الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية حجر الزاوية في السياسة المصرية منذ تولي الرئيس السيسي قيادة البلاد في 2014، حيث تؤمن مصر بأن استقرار دول الجوار، وعلى رأسها ليبيا، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي المصري.

وقد أكد الرئيس السيسي خلال اللقاء أن مصر مستعدة لدعم كافة المبادرات الليبية التي تسعى لتحقيق هذا الهدف، مع التركيز على أهمية تماسك المؤسسات الوطنية الليبية.

2. رفض التدخلات الخارجية
أعلنت مصر بوضوح رفضها لأي تدخلات أجنبية في الشأن الليبي، ووضعت حدًا للصراعات الإقليمية على الأرض الليبية، من خلال تحديد الخط الأحمر بين الجفرة وسرت.

هذه السياسة الحازمة عززت من موقف مصر كقوة إقليمية داعمة للاستقرار، بعيدًا عن الانحياز لأي طرف أو تعزيز الانقسامات الداخلية.

3. إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة
يشكل وجود القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا أحد أبرز العوائق أمام تحقيق الاستقرار.

وفي هذا الصدد، طالبت مصر مرارًا بإخراج جميع العناصر الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي خلال لقائه حفتر. وقد لعبت مصر دورًا فاعلًا في استضافة اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) التي ناقشت آليات تنفيذ هذا الهدف.

4. بناء المؤسسات الوطنية
تشكل عملية بناء مؤسسات الدولة الليبية إحدى الأولويات المصرية، إذ ساهمت القاهرة بشكل كبير في وضع أسس الاتفاق السياسي الليبي عبر إعلان القاهرة في يونيو 2020، الذي كان مقدمة لتشكيل سلطة انتقالية موحدة.

كما أكدت مصر على أهمية التنسيق بين الأطراف الليبية المختلفة لتبني خارطة طريق سياسية شاملة تسهم في إجراء الانتخابات وإنهاء حالة الجمود السياسي.

5. مكافحة الإرهاب
ترى مصر أن الإرهاب يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الليبي والمصري على حد سواء، ما يستوجب تعاونًا مشتركًا لمواجهة التنظيمات الإرهابية. وفي هذا السياق، أعرب الرئيس السيسي عن تقديره لدور الجيش الوطني الليبي في مواجهة الإرهاب، مؤكدًا دعم مصر الكامل لهذه الجهود التي تصب في مصلحة استقرار المنطقة.

أبعاد الزيارة ودلالاتها
تعكس زيارة المشير حفتر إلى القاهرة دلالات عدة، أبرزها:
الثقة في الدور المصري
تعبر هذه الزيارة عن ثقة الأطراف الليبية في الدور المصري المحوري كوسيط نزيه يسعى لتحقيق المصلحة الوطنية الليبية بعيدًا عن المصالح الخارجية.

وقد استضافت مصر العديد من الاجتماعات الليبية، من بينها ملتقى القبائل الليبية والمسار الدستوري، بهدف تقريب وجهات النظر وحل الأزمة بعيدًا عن التصعيد.

الاستفادة من التجربة التنموية المصرية
أشاد حفتر بالدور المصري في دعم ليبيا اقتصاديًا وتنمويًا، مشيرًا إلى أن التجربة المصرية تمثل نموذجًا يمكن لليبيا أن تستفيد منه في إعادة بناء مؤسساتها والبنية التحتية. كما أكد أهمية دور الشركات المصرية في تنفيذ مشروعات تنموية تساهم في تحقيق الازدهار للشعب الليبي.

الارتباط بين استقرار ليبيا والأمن القومي المصري
يدرك البلدان أن استقرار ليبيا يشكل عاملًا حيويًا للأمن القومي المصري، خصوصًا في ظل محاولات بعض القوى الإقليمية استغلال الوضع الراهن لتحقيق مصالحها.

كما أن تطورات المشهد الإقليمي، مثل إعادة تموضع التنظيمات الإرهابية، تفرض تعزيز التعاون المصري-الليبي لمواجهة هذه التحديات المشتركة.

ختامًا
تمثل زيارة المشير خليفة حفتر إلى مصر تأكيدًا جديدًا على عمق العلاقات المصرية-الليبية والدور المحوري الذي تلعبه القاهرة في دعم استقرار ليبيا وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية. ومع تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، يبقى التنسيق المشترك بين البلدين ركيزة أساسية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، ما يعزز فرص تحقيق السلام والتنمية للشعب الليبي.