12 ديسمبر 2024 22:37
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

نهاية حكم الأسد.. ثورة الشعب السوري تفتح فصولًا جديدة في التاريخ بعد 13 عامًا

أكثر من عقد من الزمن، عاش الشعب السوري في خضم جحيم لا يتوقف، بين القتل والتدمير والنزوح، حيث تعرضت البلاد لأبشع ألوان الحروب والدمار.

ومنذ عام 2011، كانت سوريا مسرحًا لواحدة من أعقد وأطول الحروب في التاريخ الحديث، ومنذ تلك اللحظة وحتى اليوم، عاشت المدن السورية أهوال الحرب وويلات التفجيرات والدماء.

وفي عام 2024، يسدل الستار أخيرًا على حكم بشار الأسد، ليبدأ فصل جديد في تاريخ سوريا، لا زال يكتنفه العديد من الأسئلة والأمل في تحقيق السلام والاستقرار بعد 13 عامًا من المعاناة.

بداية الأزمة: من الاحتجاجات السلمية إلى انتفاضة مسلحة
في عام 2011، كانت سوريا واحدة من الدول التي تأثرت بمدّ “الربيع العربي” الذي اجتاح العديد من الدول العربية. بدأت الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد بشكل سلمي، حيث خرج السوريون في تظاهرات مطالبة بالحرية والعدالة والإصلاحات السياسية.

ولكن سرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات إلى صراع دموي، عندما قوبلت بالرصاص والاعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية السورية.

وهذه المعاملة القاسية للشعب السوري من قبل النظام كان لها دور في تأجيج الثورة وتحولها إلى انتفاضة مسلحة بعد أن بدأ بعض المتظاهرين في حمل السلاح، بينما انشق عدد من الضباط والجنود عن الجيش النظامي، لينضموا إلى صفوف المعارضة.

التدخلات الخارجية: تصعيد الصراع وتحويله إلى حرب إقليمية ودولية
ومع تصاعد الاحتجاجات وتحولها إلى صراع مسلح، تدخلت قوى إقليمية ودولية بشكل متزايد. في عام 2013، كان التدخل الأول لحزب الله اللبناني الذي جاء لدعم نظام الأسد ضد المعارضة في معركة القصير.

وبينما تزايد الدعم الدولي للمعارضة المسلحة، وتحديدًا من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين قدموا دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للمعارضة.

وفي نفس العام، شن النظام السوري هجومًا كيميائيًا على مدينة الغوطة الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل المئات من المدنيين، لكن لم يُترجم ذلك إلى تدخل عسكري أمريكي كما كان متوقعًا.

وفي عام 2014، ظهر تنظيم “داعش” كتهديد جديد، حيث اجتاح مناطق واسعة في شمال سوريا والعراق، ما حول الحرب السورية إلى صراع معقد على مستويات عدة.

نهاية حكم الأسد.. ثورة الشعب السوري تفتح فصولًا جديدة في التاريخ بعد 13 عامًا

وفي تلك المرحلة، تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة داعش، حيث بدأت القوات الجوية الأمريكية في شن ضربات ضد التنظيم الإرهابي، وهو ما أدى إلى تصاعد التوترات مع تركيا التي كانت قلقة من صعود الأكراد في المنطقة.

التدخل الروسي: نقطة التحول في مسار الحرب
كانت سنة 2015 بمثابة نقطة تحول في الحرب السورية، عندما قررت روسيا التدخل بشكل مباشر لصالح نظام الأسد. شنت القوات الجوية الروسية غارات جوية كثيفة على مناطق المعارضة، ما أسهم في تغيير موازين القوى لصالح الجيش السوري.

وكانت هذه التدخلات العسكرية هي العامل الحاسم في استعادة النظام السيطرة على العديد من المدن، مثل حلب، التي كانت تعتبر المعقل الأكبر للمعارضة في شمال سوريا. وقد ترافق ذلك مع تدخل إيران وحزب الله، الذين ساهموا بشكل كبير في تعزيز موقف الأسد العسكري.

ومع استمرار الدعم الروسي للأسد، بدأ الجيش السوري في استعادة مناطق واسعة من المعارضة، لكن على حساب آلاف الأرواح من المدنيين وتدمير معظم المدن الكبرى.

وفي عام 2016، شن الجيش التركي عملية عسكرية في شمال سوريا لمواجهة تهديدات تنظيم “داعش” والقوات الكردية، وهو ما أضاف تعقيدًا جديدًا للصراع السوري.

2017-2020: انهيار المعارضة واستمرار الصراع
على الرغم من دعم القوى الدولية، إلا أن المعارضة السورية بدأت في الانحسار بشكل كبير. في 2017، كانت قوات النظام قد استعادت معظم مناطق المعارضة في دمشق وحمص، بينما في 2018 استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية.

وفي 2019، فقد تنظيم “داعش” آخر معاقله في سوريا، ليبدأ النظام السوري في استعادة معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة، إلا أن النزاع لم ينتهِ، فقد ظل هناك جيوب للمعارضة في مناطق مثل إدلب.

وفي نفس العام، قررت الولايات المتحدة الإبقاء على بعض قواتها في سوريا، بهدف منع الهجمات على حلفائها الأكراد.

وفي عام 2020، أنهت روسيا هجومًا عسكريًا كبيرًا ضد المعارضة في شمال غرب سوريا، مما أدى إلى وقف إطلاق النار مع تركيا، لكن لم يتم التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب بشكل كامل.

ورغم اتفاقات وقف إطلاق النار، كانت مناطق سوريا الكبرى لا تزال تعاني من عمليات القصف المستمر، والقتل، والنزوح.

نهاية حكم الأسد.. ثورة الشعب السوري تفتح فصولًا جديدة في التاريخ بعد 13 عامًا

اللحظة الحاسمة: سقوط نظام الأسد
بعد سنوات من الحرب والدمار، بدأت الأمور تتغير بشكل مفاجئ في عام 2023. تدهورت الأوضاع في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام، حيث كثفت المعارضة هجماتها على المدن الكبرى مثل حلب ودمشق. وبينما ركزت القوى الحليفة للأسد على جبهات أخرى، انهار الجيش السوري سريعًا في مناطق متعددة.

وفي النهاية، بعد ثمانية أيام من سقوط حلب، تمكنت المعارضة من السيطرة على معظم المدن الكبرى، بما في ذلك دمشق. ومع دخول قوات المعارضة إلى العاصمة، انتهى حكم بشار الأسد، ليعلن عن سقوط النظام الذي استمر أكثر من 20 عامًا.

آفاق جديدة لسوريا: التحديات والآمال
لكن سقوط النظام ليس نهاية الطريق. فالحرب خلفت وراءها دمارًا هائلًا في البنية التحتية، وأعدادًا ضخمة من القتلى والجرحى، وملايين من النازحين في الداخل والخارج. ورغم أن سقوط الأسد يفتح فصلاً جديدًا في تاريخ سوريا، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة أمام الشعب السوري.

نهاية حكم الأسد.. ثورة الشعب السوري تفتح فصولًا جديدة في التاريخ بعد 13 عامًا

فاستعادة الاستقرار وإعادة بناء البلاد سيحتاج إلى جهود دولية ومحلية ضخمة، إضافة إلى التوصل إلى حل سياسي عادل يعالج القضايا العميقة التي تسببت في النزاع، بما في ذلك الطائفية والسيطرة على الموارد.

لكن الأمل يبقى، فالشعب السوري أثبت على مدار السنوات الماضية عزيمته وإصراره على تحقيق الحرية والكرامة. وبعد 13 عامًا من الصراع، لا يزال الشعب السوري متمسكًا برؤية المستقبل الأفضل، مستقبل يتجاوز جراح الماضي ويعتمد على بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتعمل من أجل العدالة والمساواة.

نهاية حكم الأسد.. بداية الأمل
سوريا اليوم تقف على مفترق طرق. انتهى حكم الأسد، ولكن الحرب لم تنتهِ بعد. ورغم الدمار الذي خلفته سنوات من الصراع، لا يزال هناك أمل في أن تتمكن سوريا من الشفاء وأن تتجاوز محنتها نحو مستقبل أفضل، مليء بالسلام والكرامة والعدالة لجميع أبنائها.