467 يومًا من انتهاك القانون الدولي.. سجل جرائم إسرائيل ضد الإنسانية في غزة
شهد قطاع غزة حربًا عدوانية شنتها إسرائيل واستمرت لأكثر من 15 شهرًا، مما جعلها الأطول في تاريخ الاحتلال منذ النكبة عام 1948.
الحرب التي بدأت في 8 أكتوبر 2023 واستمرت حتى إعلان وقف إطلاق النار أمس الأربعاء، امتدت على مدار 467 يومًا، مخلِّفة وراءها دمارًا هائلًا وأزمة إنسانية هي الأكثر فداحة في تاريخ الحروب الإسرائيلية على القطاع.
أرقام صادمة وضحايا بالمئات يوميًا
العدوان الإسرائيلي استهدف السكان المدنيين بشكل رئيسي، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 46 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بينهم 13,319 طفلًا. تشير التقارير إلى أن العدد يمثل نحو 2% من سكان غزة قبل الحرب، أي أن واحدًا من كل 50 شخصًا كان ضحية مباشرة للعدوان.
أخبار تهمك
الأرقام لا تعكس المأساة الكاملة، إذ أشارت دراسة حديثة لمجلة “لانسيت” إلى أن الحصيلة الرسمية للوفيات أقل من الواقع، حيث فشلت في تسجيل اثنين من كل خمسة ضحايا. وتقدر الدراسة أن العدد الحقيقي للوفيات قد يتجاوز 70 ألف شخص بحلول أكتوبر 2024.
كما أصيب نحو 110 آلاف فلسطيني، يعاني ربعهم من إعاقات دائمة مثل بتر الأطراف، الحروق البالغة، وإصابات الرأس. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن 10 آلاف آخرين لا تزال جثثهم تحت أنقاض المباني المدمرة، مما يزيد من عمق الكارثة الإنسانية.
الدمار يطال كل شيء: تهجير الملايين وخراب شامل
لم يقتصر العدوان على إزهاق الأرواح، بل امتد إلى تهجير نحو 1.9 مليون شخص من سكان غزة، أي ما يعادل 90% من إجمالي السكان. وتشير الأمم المتحدة إلى أن 80% من أراضي القطاع وضعت تحت أوامر الإخلاء خلال الأشهر الأولى من الحرب، مما أجبر مئات الآلاف على التنقل مرارًا بحثًا عن الأمان.
القصف الإسرائيلي تسبب في تدمير تسعة من كل عشرة منازل، بالإضافة إلى استهداف متعمد للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المدارس، المستشفيات، المساجد، والمقابر. وتُظهر التحليلات أن الدمار الشامل طال الحياة اليومية، مما دفع خبراء إلى اعتبار هذا الاستهداف الممنهج “جريمة حرب جديدة”.
الجوع والمجاعة: أزمة غذائية خانقة
فرضت إسرائيل حصارًا مشددًا على دخول المساعدات الإنسانية والبضائع إلى غزة، مما أدى إلى تفاقم أزمة الجوع وسوء التغذية. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن 96% من الأطفال دون سن الثانية والنساء الحوامل يعانون من نقص غذائي حاد.
بحلول يناير 2024، وصلت مستويات انعدام الأمن الغذائي إلى مراحل كارثية، حيث يواجه 345 ألف شخص نقصًا حادًا في الغذاء، بينما يعاني 876 ألف آخرين من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي.
الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي، والتي شملت تدمير 40% من الأراضي الزراعية وتجريف نصف الغطاء الشجري، ساهمت في تعميق الأزمة الغذائية.
تلوث بيئي ونكبة طويلة الأمد
لم تقتصر تداعيات الحرب على الخسائر البشرية، بل طالت البيئة والبنية التحتية الزراعية بشكل كارثي. أظهرت تحليلات الأقمار الصناعية أن ما يقرب من نصف أشجار القطاع تم تجريفها، بينما دُمّرت المزارع بشكل شبه كامل.
كما ألحق جيش الاحتلال أضرارًا بالغة بخزانات المياه، مما أدى إلى تلوث واسع النطاق في التربة والمياه الجوفية.
تسبب الحصار الإسرائيلي على الوقود والكهرباء في توقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى طفح مياه الصرف الصحي في البحر والمياه الجوفية، مهددًا الأمن المائي والصحي لسكان القطاع.
إدانات دولية ومذكرات اعتقال
أثار العدوان الإسرائيلي غضبًا دوليًا واسعًا، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
حتى الحلفاء التقليديون لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فرضوا قيودًا على شحنات الأسلحة. في سبتمبر 2024، علّقت بريطانيا بعض تراخيص تصدير الأسلحة بسبب وحشية العدوان، بينما حدّت واشنطن من بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل.
إرث مدمر وأجيال متضررة
الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت في أزمات إنسانية وصحية وبيئية قد تستمر لعقود. إلى جانب الدمار المادي، فإن الأطفال الذين عانوا من سوء التغذية خلال العدوان سيعانون من تبعات صحية ونفسية طويلة الأمد.
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه إعادة إعمار القطاع، تبقى غزة شاهدًا حيًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وإرثًا من المعاناة يثقل كاهل الأجيال القادمة.
تعليقات 0