52 عاما من العطاء والتضامن.. مصر والإمارات تحتفلان بذكرى أكتوبر .. السيسي وبن زايد أخوة وشراكة استراتيجية
تحت سماء أكتوبر المجيدة، تجددت أواصر العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات، لتعلن من جديد عن عمق الأخوة التي تجمع البلدين الشقيقين.
حضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في احتفالات مصر بذكرى انتصارات حرب أكتوبر لم يكن مجرد حضور رسمي عابر، بل كان بمثابة شهادة على عمق الروابط المتينة التي تربط القيادتين والشعبين، وتجسيدًا لاستمرار مسيرة التعاون المشترك الذي يتخطى الحواجز السياسية والاقتصادية ليصل إلى مستوى الشراكة الشاملة في مختلف المجالات.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، كان دائمًا ما يعبر عن حبه العميق وتقديره لمصر، عندما قال: “مصر هي قلب العرب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب.” هذه الكلمات الخالدة لم تكن مجرد تعبير عن مشاعر عابرة، بل كانت تمثل فلسفة سياسية واقتصادية ودبلوماسية عاشتها الإمارات منذ نشأتها، وهو ما برز بوضوح خلال السنوات الطويلة من التعاون المثمر بين البلدين.
في أكتوبر 2022، احتفلت مصر والإمارات بمرور 50 عامًا على العلاقات الثنائية تحت شعار “50 عامًا.. مصر والإمارات قلب واحد”، وهو احتفال يعكس الحميمية والمودة التي ربطت البلدين منذ بداية العلاقة.
ويأتي حضور الشيخ محمد بن زايد في احتفالات مصر بذكرى أكتوبر 2024 كتأكيد إضافي على استمرار هذه العلاقة الوثيقة التي تشهد تطورًا مستمرًا في مختلف الأصعدة.
وفي 3 أكتوبر 2024، شارك الشيخ محمد بن زايد في حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية المصرية، وهو حضور له دلالات متعددة، أهمها التأكيد على التضامن العربي المشترك.
كما تتزامن هذه المشاركة مع احتفالات مصر بذكرى انتصارات حرب أكتوبر، تلك الحرب التي استطاعت فيها مصر استعادة أراضيها وكسر أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وهي حرب جسدت التضامن العربي، حيث قال الشيخ زايد بن سلطان خلال تلك الفترة مقولته الشهيرة: “النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي”، مؤكدًا على وقوف الإمارات بجانب مصر في معركتها المصيرية.
هذه الروابط العميقة بين البلدين لم تكن مجرد مشاعر وأقوال، بل تُرجمت إلى شراكة استراتيجية في مختلف المجالات. العلاقات المصرية الإماراتية ترتكز على دعائم قوية، من بينها التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية، حيث تشترك الدولتان في رؤية مشتركة تقوم على ضرورة الحفاظ على استقرار المنطقة وحماية مصالح شعوبها.
ومن أبرز ملامح هذا التعاون هو الرفض المشترك للتصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعمهما لمشروع القرار العربي الذي تقدم به الأردن في الأمم المتحدة في أكتوبر 2023، والذي دعا إلى وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية في غزة وتوفير المساعدات الإنسانية للمدنيين.
إلى جانب الجانب السياسي، يأتي التعاون الاقتصادي والتنموي كأحد أبرز أوجه العلاقة بين مصر والإمارات. تعد الإمارات أكبر شريك تجاري عربي لمصر، فيما تحتل مصر مكانة متميزة كشريك اقتصادي في الإمارات. وفي 4 أكتوبر 2024،
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد إطلاق مشروع “رأس الحكمة” التنموي، الذي يُعد نموذجًا للشراكة التنموية بين البلدين. المشروع يعكس رؤية مشتركة لتطوير المناطق الاقتصادية والسياحية في مصر، ويأتي ضمن سلسلة من المبادرات الاستثمارية التي تعزز من التعاون الاقتصادي بين البلدين.
يتنوع التعاون الاستثماري بين البلدين في العديد من القطاعات الحيوية مثل الاتصالات، السياحة، القطاع المالي والمصرفي، والعقارات. ويبلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر نحو 1485 شركة، تعمل في مجالات متعددة تشمل التجارة والصناعة والزراعة.
ومن جانب آخر، تستثمر الشركات المصرية في السوق الإماراتية في مجالات الإنشاءات والعقارات، وهو ما يعكس التكامل الاقتصادي بين البلدين.
ولا يمكن الحديث عن العلاقات المصرية الإماراتية دون الإشارة إلى الجانب الثقافي والديني، حيث يلعب الأزهر الشريف دورًا محوريًا في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، وهو ما يتلاقى مع المبادئ التي تتبناها الإمارات.
وقد أسست الإمارات في يوليو 2014 “مجلس حكماء المسلمين” برئاسة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لتعزيز السلم الاجتماعي ونشر قيم التسامح والتعايش.
التعاون الثقافي بين البلدين يمتد إلى مجالات عديدة تشمل تنظيم معارض الكتب والندوات الثقافية التي تجمع المفكرين وصناع الرأي العام من كلا البلدين. كما تشارك مصر والإمارات في العديد من المبادرات الثقافية مثل “تحدي القراءة العربي” و”جائزة الإعلام العربي”، وهي مبادرات تسهم في تعزيز الوعي الثقافي العربي وتدعيم التعاون في المجالات التعليمية والإعلامية.
ختامًا، تُعد العلاقات المصرية الإماراتية نموذجًا فريدًا للشراكة العربية الاستراتيجية. في ظل منطقة مليئة بالتحديات، يحتاج العالم العربي إلى مثل هذه العلاقات التي تقوم على الاحترام المتبادل والتضامن الفعّال.
وبفضل هذه الروابط القوية، استطاعت مصر والإمارات بناء جسر من التعاون الذي يسهم في حماية استقرار المنطقة وتعزيز مصالحها، وهو تعاون لا يعزز الاستقرار الإقليمي فقط، بل يمتد تأثيره إلى المستوى العالمي.
تعليقات 0