لماذا نأكل البيض والبصل والرنجة في شم النسيم؟ أسرار عادات مصرية ضاربة في جذور التاريخ

يتشارك المصريون من مسلمين ومسيحيين في الاحتفال بمناسبة شم النسيم، التي تعد من أقدم المناسبات التراثية في البلاد، والتي يتجدد معها كل عام السؤال: لماذا نأكل البيض والبصل والرنجة في هذا اليوم تحديدًا؟ ورغم البهجة التي يحملها الاحتفال، فإن العادات المرتبطة به، وخاصة تلك المتعلقة بالأطعمة، تثير فضول الكثيرين، نظراً لغرابتها وارتباطها بالطقوس القديمة.
شم النسيم: من الفراعنة إلى اليوم
بحسب دار الإفتاء المصرية، فإن أصل الاحتفال بشم النسيم يعود إلى أيام الفراعنة، وقد جرت العادة في العصر الحديث على أن يكون الاحتفال به بعد انتهاء صيام المسيحيين، مما جعله مناسبة وطنية واجتماعية يشارك فيها الجميع. وأكدت الإفتاء أن هذه العادة تعكس روح التعايش والمحبة بين أبناء الوطن، وهي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية طالما لم تتضمن ما يخالف الآداب أو الصحة العامة.
الحكم الشرعي في أطعمة شم النسيم
أخبار تهمك
أوضحت دار الإفتاء أن الاحتفال بشم النسيم وما يتبعه من خروج إلى المتنزهات وتناول أطعمة معينة مثل الفسيخ والرنجة والبيض والبصل، لا مانع منه شرعًا بشرط التزام الضوابط الثلاثة: أن تكون الأطعمة مصرحًا بها صحيًا، وألا تتسبب في إزعاج الآخرين، وألا تتجاوز حدود الآداب العامة.
رمزية الأطعمة: بين الأسطورة والتاريخ
الأطعمة التقليدية المرتبطة بشم النسيم، مثل البيض والبصل والفسيخ، تحمل دلالات رمزية تعود إلى الحضارة المصرية القديمة:
البيض: كان يرمز إلى خلق الحياة من الجماد. ووفقًا لنقوش فرعونية، اعتاد المصريون القدماء على تلوينه وتزيينه وكتابة الأمنيات عليه، ثم تعليقه في الحدائق انتظارًا لتحقيق تلك الأمنيات مع شروق الشمس.
البصل: ارتبط بالحياة والصحة، وكان يستخدم لطرد الأرواح الشريرة وشفاء الأمراض. وتروي الأساطير أن أحد ملوك الفراعنة أنقذ ابنه من مرض غامض باستخدام البصل، فأصبح جزءًا من طقوس شم النسيم.
الفسيخ والرنجة: ارتبطا بتقديس النيل، حيث كان يُعتقد أن السمك الذي يحمله النيل هو رمز للحياة القادمة من الجنة. وأشارت بعض الروايات القديمة إلى أن المصريين عرفوا طرق تمليح السمك منذ الأسرة الخامسة، وكانوا يفضلون نوعًا معينًا عُرف باسم “بور”، وتحول لاحقًا إلى “يور” في اللغة القبطية.
تقاليد مستمرة بروح مصرية
على الرغم من اختلاف الأزمان وتغير العصور، ما زال المصريون يحيون هذه العادات في كل ربيع، حاملين معهم تراثًا ضاربًا في القدم، يجمع بين الفرحة والبُعد الرمزي. وتبقى مظاهر شم النسيم أكثر من مجرد طعام أو نزهة، فهي احتفال بالحياة، وتجسيد للتعايش، وإرث ثقافي يجمع كل أطياف المجتمع تحت مظلة واحدة.
تعليقات 0